217

============================================================

29 ثم يتبغى للشيخ أن يعتبر حال المريد ، ويتفرس فيه بنور الايمان وقوة العلم والمعرفة ما يتأتى منه ومن صلاحيته واستعداده؛ فمن المريدين من يصلح للتعبد المحض وأعمال القوالب وطريق الأبرار.

ومن المريدين من يكون مستعذا صالحا للقرب وسلوك طريق المقربين المرادين بععاملة القلوب والمعاملات الستية ولكل من الأبرار والمقربين مباد ونهايات فيكون الشيخ صاحب الإشراف على البواطن يعرف كل شخص وما يصلح له والعجب أن الصحراوى يعلم الأراضى والغروس ويعلم كل غرس وأرضه، وكل صاحب صنعة يعلم منافع صنعته ومضارها، حتى المرأة تعلم قطنها وما يتأثى منه من الغزل ودقته وغلظه، ولا يعلم الشيخ حال المريد وما يصلح له ؟!

وكان رسول الله يكلم الناس عل قدر عقولهم، ويأمر كل شخص بما يصلح له؛ فمنهم من كان يأمره بالانفاق، ومنهم من أمره بالإمساك، ومنهم من آمره بالكسب، ومتهم من قرره على ترك الكسب كأصحاب الصفة ، فكان رسول الله يعرف أوضاع الناس، وما يصلح لكل واحد، فأما فى رتبة الدعوة فقد كان يعمم الدعوة، لأنه مبعوث لإثبات الحجة، وايضاح المحجة، يدعو على الإطلاق ولا يخصص بالدعوة من يتفرس فيه الهداية دون غيره.

ومن أدب الشيخ : آن يكون. له خلوة خاصة، ووقت خاص لا يسعه فيه معاناة الخلق حتى يفيض على جلوته فائدة خلوته، ولا تدعى تقسه قؤة، ظنا منها أن استدامة المخالطة مع الخلق والكلام معهم لا يضره ولا يأخذ منه، وأته غير محتساج إلى الخلوة، فان رسول الله مع كمال حاله كان له قيام الليل، وصلوات يصليها، ويدوم عليها، وأوقات يخلو فيها.

فطبع البشر لا يستغنى عن السياسة، قل ذلك أو كثر، لطف ذلك أو كثف .

وكم من مغرور قانع باليسير من طيبة القلب اتخذ ذلك رأس ماله، واغتر بطيبة قلبه، واسترسل فبى المعازجة والمخالطة، وجعل نفسه مناخا للبطالين بلقمة تؤكل عنده؛ وبرفق يوجد منه، فيقصده من ليس فصده الديسن، ولا بغيثه سلوك طريق المتقين. فافتتن وأفتن، وبقى فى خطة القصور ووقع فى دائرة الفتور، فما يستغنى الشيخ عن الاستمداد

Página 217