الالفي سنة التي كانت عاصمتهم فيها روما وقسطنطينية لم يكونوا كلهم من أصل ايطالي، ولا من عرق واحد، بل من أصول وأعراق أوربية متعددة، وربما كان فيهم يونانيون أيضا، بعد أن أصبحت اليونان جزءا من الامبراطورية الرومانية. ولعل هذا هو السبب في أنه عندما ضعفت الامبراطورية الرومية التقليدية، وأصبحت محصورة في القسطنطينية وما حولها، ومحاصرة ببحر الشعوب الاسلامية، قام الاوربيون بادعاء وراثتها، وتسمى عدد من ملوكهم في ألمانيا وغيرها بالقياصرة. إن هذا النوع من التحول في الامبراطوريات والدول أمر طبيعي، حيث ينتقل الحكم فيها من بلد إلى بلد ومن شعب إلى شعب، ولا ينافي ذلك بقاء اسمها الاساسي وصفاتها الاساسية. وعلى هذا، فالاحاديث الشريفة التي تخبر عن مستقبل الروم أو بني الاصفر كما كان يسميهم العرب، لا تقصد خصوص الروم البيزنطيين الايطاليين، دون الشعوب والقبائل، الفرنجية وغيرها التابعة لهم. وهذا هو السبب في أن المسلمين، كما في كتب التاريخ، يعبرون عنهم بالروم الفرنجة أحيانا، ولكنهم في نفس الوقت يطلقون عليهم جميعا اسم الروم، ويجمعونها فيقولون " الاروام " مضافا إلى ذلك، فإن المفهوم من سورة الروم الشريفة، والحديث فيها عن شركهم بالله تعالى وأحزابهم وأشياعهم في الايات 31 - 32، وفي سورة الكهف الايات 12، و21 وغيرها، أن المقصود بهم الامم والاحزاب المدعية اتباع المسيح عليه السلام. ومن الواضح أن زعامة الشعوب المسيحية كانت بيد الروم الايطاليين والقسطنطينيين، ثم ورثها منهم الغربيون.
--- [ 47 ]
Página 46