La era dorada siriana: una investigación histórica y arqueológica
عصر السريان الذهبي: بحث علمي تاريخي أثري
Géneros
ولما كان يتعذر الإلمام بمعظم مكتبات السريان في الأمصار الشرقية، وتدوين أخبارها مكتبة فمكتبة لوفرة عددها، اكتفينا أن نلمع إلى بعضها فيما يلي: (1) مكتبة الرها الملكية
بلغت مدينة الرها أوج المجد في عصر مدرستها الشهيرة الذي سماه العلماء «عصر الرها الذهبي»، واستمرت العلوم زاهرة في تلك المدرسة الذائعة الصيت حتى انطفأ سراجها الوهاج عام 486 بأمر زينون الملك. أما مكتبتها الملكية التي أنشأها الملوك الأباجرة، فكانت مرجعا يؤمه الكتبة والأئمة والأدباء من مختلف الأقطار الشرقية والغربية، وينقلون عن مخطوطاتها الثمينة ما احتاجوا إليه.
قال أوسابيوس القيصري (265-340م) إمام المؤرخين ما تعريبه: «نرى في مصاحف الرها بينات نقلت عن الوثائق المحفوظة هناك منذ أصبحت تلك المدينة عاصمة المملكة (الأبجرية)، وكانت تلك المصاحف تشتمل على أخبار الوقائع التي جرت من زمن الأسلاف حتى عهد الملك أبجر. وما برحت هذه المصاحف مصونة في الرها إلى زمننا الحاضر (أعني إلى القرن الرابع للميلاد)، وعليه فلا نرى مانعا يصدنا عن سرد هذه البينات التي نقلناها عن وثائق مكتبتها وترجمناها بالحرف الواحد من اللسان السرياني إلى اليوناني.»
2
وقد احتاج غير واحد من مشاهير الكتبة والمؤلفين إلى استنساخ الشيء الكثير من مخطوطات تلك المكتبة الملكية ومحفوظاتها، ولبثت المكتبة الرهاوية عامرة زاهرة في عصر السريان الذهبي يؤمها الطلاب ورواد الأدب من كل ناحية، ذلك ما حملنا على أن نتغنى بها في بيتين من الشعر نظمناهما، واستكتبناهما بحروف ضخمة مفضضة، وجعلناهما فوق مدخل دار الكتب اللبنانية التي أنشأناها في بيروت، وهما:
للكتب أنشئ مقدس أوحى لنا
عصر الرها ومآثر المأمون
في بابه ازدحمت أساطين النهى
سعيا وراء الجوهر المكنون
وبتوالي الأزمنة جدد السريان في الرها مكتبة حوت مخطوطات كثيرة نفيسة، نقلوا قسما صالحا منها من دير أبحاي المجاور لكركر الذي ظل عامرا حتى القرن الثامن عشر، وقد نسخ قسم من تلك المخطوطات على رق غزال، بينها «تاريخ الأزمنة» تأليف البطريرك ميخائيل الكبير، وواعظ يوحنا فم الذهب، ومار باسيليوس القيصري، وتصانيف أخرى نفيسة. وعندما أجلي السريان كسائر النصارى من مدينة الرها عام 1922 بأمر الحكومة التركية، نقلوا معهم تلك المخطوطات إلى حلب وإلى غيرها من المدن التي استوطنوها. (2) مكتبة المفارنة في تكريت
Página desconocida