La Era del Renacimiento: Una Introducción Muy Corta
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
سرعان ما أدرك أنصار الحركة الإنسانية قوة آلة الطباعة لنشر رسالتهم الخاصة. فاستخدم الإنساني الأشهر في شمال أوروبا دسيدريوس إراسموس من روتردام (1466-1536) آلة الطباعة كوسيلة لتوزيع نسخته الخاصة من الحركة الإنسانية، وأثناء ذلك كان يلقب نفسه عن قصد بصفة «أمير الحركة الإنسانية». وردا من إراسموس على المزاعم القائلة بأن الإنسانيين المبكرين كانوا أكثر اهتماما بالكتاب الوثنيين الكلاسيكيين من اهتمامهم بالمسيحية؛ فقد شرع في ترجمة الكتاب المقدس وتقديم شروح له، وصلت إلى ذروتها في طبعته من العهد الجديد باللغة اليونانية بترجمة لاتينية افتتاحية (1516). وفي كتابه «منهج شيشرون» (1528)، عارض إراسموس الإنسانيين الإيطاليين الذين اعتبروا رؤيته الخاصة عن الحركة الإنسانية في أوروبا الشمالية «بربرية». وسخر من صفاء البلاغة اللاتينية للإنسانيين التابعين لمنهج شيشرون، مؤكدا على أن «الاهتمام الأول للإنسانيين التابعين لمنهج شيشرون كان ينبغي أن يكون فهم أسرار الدين المسيحي، وتقليب صفحات الكتب المقدسة بنفس الحماس الكبير الذي كرسه شيشرون لكتابات الفلاسفة».
سعى إراسموس جاهدا لدمج نسخته عن التعليم الأخلاقي الملهم من الكلاسيكيات مع «فلسفة المسيح»، وهي فلسفة تركز على المسيح وتؤكد على الإيمان الشخصي. وكان إنتاجه الوافر الهائل يشمل الترجمات والشروح على الأعمال الكلاسيكية (بما فيها سينيكا وبلوتارخ)، ومجموعات الأمثال اللاتينية، وأطروحات عن اللغة والتعليم، وخطابات وفيرة إلى الأصدقاء وأصحاب المطابع والباحثين والحكام في جميع أنحاء أوروبا. أما كتابه الأوسع انتشارا اليوم فهو كتابه الساخر «إطراء على الحماقة» (1511)، وهو «هجاء لاذع» وقاس بصفة خاصة في هجومه على فساد ورضا الكنيسة عن ذاتها، والتي يصفها الكتاب بأنها تؤمن بأن «تعليم الناس مهمة شاقة، والصلاة مملة، والدموع ضعيفة وأنثوية، والفقر مهين، والوداعة شائنة».
كانت معظم طاقة إراسموس الفكرية الهائلة تسير في اتجاه تأسيس مجتمع دراسي، ومنهج تعليمي ثابت تقف في مركزه كتاباته المطبوعة، ومكانته بصفته «المثقف» المطلق. وقد كانت آلة الطباعة عنصرا أساسيا في مسيرة إراسموس الفكرية، وصولا إلى توزيع صورته. ففي عام 1526، وافق دورر على تنفيذ نقش تصويري له. فاستخدم إراسموس ودورر هذه التقنية الجديدة في الطباعة لتوزيع صورة تذكارية قوية للباحث الإنساني وهو في غرفة مكتبه يكتب الخطابات وهو محاط بكتبه المطبوعة التي تمثل - كما يوحي نقش دورر اليوناني - سمعة إراسموس الخالدة: «إن أعماله ستقدم صورة أفضل عنه.»
وفي عام 1512، نشر إراسموس أحد أكثر أعماله المؤثرة، بعنوان «أسس الأسلوب الأنيق»، وهو كتاب دراسي لتدريبات في التعبير البلاغي باللغة اللاتينية. ومن أشهر ما يحتويه الكتاب هو أنه يتضمن 200 طريقة للتعبير عن العاطفة «طالما حييت، سأحتفظ بذكرياتي عنك». وقد كتب إراسموس الكتاب من أجل صديقه جون كوليت عميد مدرسة القديس بولس في لندن. وفي إهدائه إلى كوليت، زعم إراسموس أنه يريد «تقديم إسهام أدبي صغير إلى تجهيزات مدرستك»، وذلك باختيار «هذين الشرحين الجديدين من الكتاب، بقدر ما يكون العمل محل النقاش ملائما للصبية لقراءته». وأهديت الطبعات اللاحقة من الكتاب إلى باحثين ورعاة أوروبيين ذوي نفوذ، وذلك لضمان استخدام الكتاب ليس فقط في لندن، وإنما كذلك في الفصول الدراسية في جميع أرجاء أوروبا. لقد كان إراسموس بحاجة إلى الإضافة إلى الإنجازات الدراسية التي حققتها الحركة الإنسانية في القرن الخامس عشر من خلال استخدام وسيلة الطباعة للترويج لطريقة جديدة تماما من التعلم والعيش.
شكل 2-1: رسخت الصورة التي رسمها دورر لإراسموس في عام 1526 سمعة إراسموس بصفته المفكر الإنساني العظيم.
1
كان إراسموس يقدر كذلك أن الحركة الإنسانية بحاجة - علاوة على إصلاح التعليم والدين - إلى الفوز بحظوة السلطة السياسية. لذا في عام 1516 ألف كتابه «تعليم الأمير المسيحي» وأهداه إلى أمير هابسبورج - الإمبراطور تشارلز الخامس المرتقب. وكان الكتاب بمثابة دليل إرشادي للأمير الصغير حول كيفية ممارسة «الحكم المطلق على الرعايا الأحرار بكامل إرادتهم»، والحاجة للتعليم والإرشاد من جانب البارعين في الفلسفة والبلاغة؛ أي إن إراسموس كان يسعى للحصول على منصب عام بصفته المستشار الشخصي للأمير الصغير، ومرشدا في العلاقات العامة. ورغم أن تشارلز قبل الكتاب بلباقة، لم يكن هناك أي منصب وشيك.
فما كان من إراسموس إلا أن أرسل نسخة أخرى من كتاب «تعليم الأمير المسيحي» إلى منافس تشارلز السياسي وهو الملك هنري الثامن. وفي إهدائه الذي كتبه في عام 1517، أثنى إراسموس على هنري كملك تمكن من «تخصيص جزء من وقتك لقراءة الكتب»، الأمر الذي أكد إراسموس على أنه جعل هنري «إنسانا أفضل وملكا أفضل». وقد حاول إراسموس إقناع هنري بأن السعي وراء تحقيق الحركة الإنسانية هو أفضل طريقة لإدارة مملكته، مشيرا إلى أن هذا سيجعله إنسانا أفضل، وسيتيح المهارات المطلوبة لتحقيق غاياته السياسية. ومن المهم أن إراسموس كان يشعر أنه من الملائم إهداء النص نفسه لكل من تشارلز الخامس وهنري الثامن؛ إذ إنه كان يفترض أن كلا الحاكمين سيفهمان أنه قادر على استخدام مهاراته البلاغية لصياغة أي حجج سياسية يحتاجان إليها.
سياسات الحركة الإنسانية
شهد جيل إراسموس إنتاج اثنين من أكثر الكتب المؤثرة في تاريخ النظرية السياسية والحركة الإنسانية: كتاب «الأمير» (1513) من تأليف نيكولو مكيافيلي، وكتاب «يوتوبيا» (1516) من تأليف توماس مور. واليوم يقرأ الكتابان بصفتهما من الكلاسيكيات الخالدة عن كيفية الحفاظ على السلطة السياسية وخلق المجتمعات المثالية. كما أنهما منتجان محددان تمخضت عنهما خبرة الكاتبين عن العلاقة بين الحركة الإنسانية والسياسة في النصف الأول من القرن السادس عشر.
Página desconocida