فقالت ببرود: ولكن الخطاب كتب وأرسل. - تحقيق سخيف لا يقوم على أساس.
فقالت بهدوء: الزواج الذي تقترحه يعني التمادي في الإجرام، منك ومني أيضا.
فقال بعنف: المسألة أنك لا تحبينني! - هذا صدق أيضا، أنا لم أحب في حياتي سوى حمدون. - ولكنك لن تتزوجي من ذلك الرجل. - هذا شأني، ولا خيار لي.
فقال بغضب: سأمنعك.
فقالت وهي ترفع منكبيها، ثم مضت وهي تقول: أستودعك الله.
21
ذهبت بدرية. توقف العمل. أطفئت الأنوار. لم يعد صوت يجلجل بخير أو بشر. تقوض عالم الخيال. تبخر سحره. ران الأسى على كل قلب. لن يراها وهي تمرح في طيلسان الجارية. لن يسعد بابتسامة الثغر، ولا بعذوبة الصوت. نظرة متحجرة رافضة آخر ما أهدته. وداع الآثم الضنين بالدموع. إذا هلت طلعتها فهي خيال المحروم. كتب على جوانحه أن تتعذب بالحنين العقيم، أن يتذوق الألم كتمزز المخمور، أن ينادي الغيب ليصد عنه سخريات الغيب. ملعون يوم رأيتك، ملعون يوم رجعت إليك، ويوم ماكر شرير يوم لمحتك في الكتاب؛ حين قدر البؤس على الوجيه المدلل، حين تواثبت العصافير فوق الغصون محذرة. ومضت عين بحماقتها تكفر عن حماقات البشر. وتلقى من الحصن العتيق ثورة، ولكن بقلب طفل غرير. وشهد المجاذيب والمساطيل بجمالك يا بدرية. وها هو ذا ضغط الحياة لا يسمح للمحزون بأن ينعم بالحزن. مضى يصفي عمله ويتخلى عن رجاله بألم بالغ. لم يبق معه من ماضيه القريب إلا فرج يا مسهل، وحتى هذا قال له: آن لك أن ترجع إلى دارك العامرة.
كيف يرجع بالخيبة والجريمة والحب الضائع ؟ قال: فات الأوان. - مكانك هناك، ستجدني في خدمتك، لقد خلقت للوجاهة والعز. - تريد أن ترجعني إلى البطالة والغم. - بل إلى الوجاهة والزواج ثم الحج إلى بيت الله!
فقال باسما: إني الآن في زمن العذاب، في عمر قادم سأعمل بما يناسبه، أليس عندك رأي آخر؟
سرعان ما تحول الرجل من أقصى طرف إلى أقصى طرف، سأله: هل عندك مال موفور؟ - نعم. - عظيم، حول المسرح إلى ملهى ليلي؛ فهذا زمن الملاهي! - ألك خبرة بذلك يا مسهل؟ - الحمد لله، سيبقى المسرح كما هو، تتغير الصالة، البوفيه يكبر، أما البنات وخلافه فدع أمرها لي.
Página desconocida