فحنق عليه وثارت مخاوفه الغامضة من جديد. •••
وحصلا على البكالوريا في عام واحد. وهنأته عين ووجهها يطفح بالبشر، ولكنه قال لها: لا ... انتهى الحب بيننا!
فلم تأخذ قوله مأخذ الجد وقالت مازحة: أتدري ما عدد البنات اللاتي يحلمن بالزواج منك؟ - ولكني أريد واحدة فقط. - ما تريدها إلا لأنني لا أريدها. - بل كأنك ما ترفضينها إلا لأنني أريدها. - أتحب أن أروي لك نوادر أمها؟ - أمها لا تهمني البتة. - إنها كامنة في أعماقها. - هبي أنه زواج خائب، فهل أعجز عن الطلاق؟ - والخيبة؟! ... أتظنها تمر بلا عواقب؟ •••
في أثناء الصيف اختار عزت أن يلتحق بمدرسة الحقوق. أما حمدون فعزم على أن يتوظف ليخفف عن خالته من ناحية، ويهب بقية يومه للمسرح. وفي ذلك الوقت عرف أن عبد الحميد الكومي خطب بدرية، وأن الفاتحة قد قرئت. اقتلع الخبر قلبا - وربما أكثر - من جذوره، وتبدت الحديقة لعيني عزت صفراء تنفث ريحا سامة. أكان يعتمد على سحر الحب الكامن وحده؟ هل تصور أنه - سحر الحب - قادر على حفظ حبيبته لحين قدرته على الخروج من سلبيته؟ وهتف بأمه ثقة منه في قوتها غير المحدودة: اصنعي شيئا.
فتساءلت بجزع: أتريد أن تخطف بنتا من رجلها؟ - أنت التي مكنته من خطفها!
فتمتمت بحنان: الخيرة فيما اختار الله.
ورماها بنظرة حزنت لها ومضى. ووجد حمدون جياشا بالانفعال. وقال عزت: إني أحترق، وكان ينبغي أن أحرق.
فتساءل حمدون: هل انتهى الأمر؟
واصطحبه إلى والد بدرية، ورجاه أن يبقيها على ذمته حتى يستقل بنفسه، فقال الأب: لقد قرأنا الفاتحة، وكان بوسع والدتك أن تتكلم لو توفرت لها الرغبة.
فقال حمدون: هو الذي يرغب.
Página desconocida