ذلك لأن س مؤكدة بصفة مطلقة، وهذه واقعة للوعي التجريبي كما يتبين من القضية المعترف بها. ولكن معنى س يساوي «أنا أكون أنا»، ومن هنا فإن هذه القضية مؤكدة على نحو مطلق.
غير أن «أنا أكون أنا»، لها معنى مختلف كل الاختلاف عن أن أ هي أ؛ إذ إن القضية الأخيرة لا يكون لها محتوى إلا بناء على شرط معين؛ أي إذا أكدت أ. ولكن القضية «أنا أكون أنا» صحيحة على نحو مطلق غير مشروط، ما دامت معادلة ل س، وهي صحيحة لا من حيث صورتها فحسب، ولكن من حيث محتواها أيضا. وفيما يؤكد الأنا لا بناء على شرط، بل على نحو مطلق، مع محمول المساواة للذات، وهكذا فإن الأنا يؤكد، ويمكن التعبير عن القضية أيضا على هذا النحو: «أنا أكون».
هذه القضية، «أنا أكون» لا تقوم حتى الآن إلا على واقعة، وليست لها سوى صحة واقعة. فلكي تكون «أ = أ»، (أو س) يقينية، ينبغي أن تكون «أنا أكون» يقينية بدورها. على أن من وقائع الوعي التجريبي أننا مضطرون إلى النظر إلى س على أنها يقينية على نحو مطلق، وإذن «فأنا أكون» يقينية بدورها؛ إذ إنها أساس س. وهذا يستتبع أن أساس تفسير جميع وقائع الوعي التجريبي هو الآتي:
قبل كل تأكيد (
setzen ) في الأنا، ينبغي أن يؤكد الأنا ذاته. •••
إن في القضية أ = أ حكما، غير أن كل حكم (
urtheilen ) فعل للذهن البشري؛ إذ إن له جميع شروط هذا الفعل في الوعي التجريبي، الذي ينبغي أن نفترض مقدما كونه معروفا، ومسلما به، حتى نتقدم بتفكيرنا. على أن هذا الفعل مبني على شيء ليس له أساس أعلى؛ أي س أو أنا أكون.
وعلى ذلك فما يؤكد
posited
على نحو مطلق، وما يكون مبنيا على ذاته، هو أساس فعل معين (وستكشف لنا نظرية العلم بأسرها أنه أساس كل فعل) للذهن البشري، ومن هنا كان طابعه الخالص، وهو الطابع الخالص للفعل في ذاته، مجردا تماما من شروطه التجريبية الخاصة.
Página desconocida