وفي هذه السنة قتل شمس الدين محمد 52 بن عبد الملك المعروف بابن المقدم بعرفات وهو اكبر الامراء الصلاحية وكان قد استأذن صلاح الدين في الحج هذه السنة ليحرم من القدس ويجمع في سنته بين الجهاد والحج وزيارة الخليل ومشاهد الانبياء بالشام وبين زيارة قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فاذن له وجعله اميرا على حاج الشام فلما كان عشية عرفة تجهز هو واصحابه ليسيروا من عرفات فأمر بضرب 53 كوساته فضربت للرحيل، فارسل اليه امير الحاج العراقي وهو مجير الدين طاشتكين ينهاه عن 54 الافاضة من عرفات قبله، فقال له ليس لي معك تعلق فانت امير الحاج العراقي وانا امير الحاج الشامي، فركب طاشتكين في اجناده واصحابه وتبعه الجم 55 الغفير وقصدوا حاج الشام فقتلوا منهم جماعة وجرح ابن المقدم عدة جراحات فلما اثخنت 56 جراحاته اخذه طاشتكين الى خيمته ليمرضه وليستدرك ما فرط في حقه. فلما كان من الغد مات بمنى رحمة الله عليه فرزقه الله الشهادة والجهاد والحج وشهود 57 فتح 58 بيت المقدس وزيارة الانبياء صلى الله عليهم اجمعين.
وفي هذه السنة قوى 59 أمر السلطان طغرل بن ارسلان بن طغرل 60 بن محمد بن ملكشاه وكثر جمعه وملك كثيرا من البلاد فارسل الامير قزل أرسلان بن شمس الدين ايلدكز الى الخليفة ليستنجده ويخوفه من طغرل ويبذل من نفسه الطاعة وارسل طغرل رسولا الى بغداد يريد ان يعمر له دار السلطنة ليسكنها اذا وصل فاكرم الخليفة رسول قزل ورد رسول السلطان طغرل بغير جواب وأمر الخليفة بهدم دار السلطنة فهدمت الى الارض وعفى اثرها.
وفي هذه السنة في شهر ربيع الاول قتل مجد 61 الدين ابو الفضل ابن الصاحب، أمر الخليفة بقتله وهو استاذ دار الخليفة وكان متحكما في الدولة ليس للخليفة معه أمر ولا نهي، ولما قتل ظهرت له اموال جليلة فاخذت جميعها، وكان حسن السيرة عفيفا وكان الذي سعى به انسان من اصحابه يقال له عبيد الله بن يونس.
Página 202