توفي الملك الصالح اسماعيل 62 بن نور الدين محمود صاحب حلب وعمره نحو تسع عشرة سنة، وكان ملكا شابا كريما عفيف اليد والفرج واللسان ملازما للدين لا يعرف له شيء مما يتعاطاه الملوك من شرب الخمر وغيره، ولما اشتد مرضه وصف له الاطباء شرب الخمر للتداوي فقال لا افعل حتى استفتي الفقهاء فاستفتى فأفتاه بعض فقهاء 63 الحنفية بجواز ذلك فقال له الملك الصالح أرأيت ان قدر الله تعالى قرب الاجل أيؤخره شربي الخمر للتداوي فقال الفقيه لا فقال: والله لا لقيت الله سبحانه وقد استعملت شيئا مما حرم علي فلم يشرب منه شيئا. فلما أيس من نفسه، أوصى بتسليم البلد الى ابن عمه عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي واستحلفهم له على ذلك وكانت وفاته في شهر رجب من السنة المذكورة. فلما قضى نحبه أرسل الامراء الى عز الدين مسعود يستدعونه الى حلب (فسار هو ومجاهد الدين قايماز فدخل يوم العشرين من شهر شعبان وجاءته رسل أخيه عماد 64 الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار يطلب منه أن يعطيه حلب) 65 ويأخذ منه عوضا عنها سنجار فلم يجبه عز الدين الى ذلك فقال عماد الدين: ان سلمتم الي حلب والا سلمت أنا سنجار الى صلاح الدين فأشار جماعته من الامراء بتسليمها اليه، فأستقر الامر على تسليم حلب الى عماد الدين وأخذ سنجار عوضا عنها، فصار 66 عماد الدين الى حلب وتسلمها وسلم سنجار الى اخيه وعاد الى الموصل 67.
Página 184