الفصل الثالث: في ذكر بعض فوائد هذه السورة [على سبيل] الاختصار والإيجاز
فإن قيل: ما معنى هل و[ما] حكمها في الكلام؟ قلنا: هل حرف استفهام.
[و] ذهب بعض العلماء إلى أنه بمعنى «قد». وهذا مما يقل وجوده في لسان العرب وتعارفه فيه؟ وإنما يصلح «قد» بتأويل، والذي يصلح فيه من متعارف كلامهم- والله أعلم- وجهان:
أحدهما: حذف الجواب إيجازا لتعارف المعنى من سياق الكلام كسائر ما في القرآن من ذلك، كأنك قلت: أم لم يأت فحذفته لتعارفه.
والثاني: أن يكون هل بمعنى تقرير على جحد بحرف الاستفهام، كقولك:
«ما أتى على الإنسان» أو «لم يأت على الإنسان». وتأويل هذا الوجه: «قد أتى على الإنسان».
فأما هل في نفسها فلا يكاد تجدها بمعنى «قد» على غير هذا التأويل ولكن قد يصلح أن يكون بمعنى الجحد ذهابا إلى أنه لم يأت عليه حين من الدهر لم يكن فيه شيئا مذكورا/ 80/ عند الله عز وجل لأنه مما قد سبق به حكم الله عز وجل وعلمه، فهو عنده شيء مذكور في كل حال وكل وقت من قبل خلقه.
وقال الفراء: «هل» معناه في هذا الموضع «قد» وكذلك في قوله: وهل أتاك نبأ الخصم [21/ ص: 38].
وقال سيبويه- في حروف الاستفهام إلا الألف وأم-: إنهما قد يكونان غير استفهام وإنما صارت استفهاما بمعنى دخول الألف فيها ومن ذلك بدخول «أم» عليها، و«أم» لا يدخل على الألف لأنها الأصل، تقول: هل جاءك زيد؟ أم هل جاءك عمرو؟ قال: وإنما دخلت «أم» على «هل» لأن «هل» قد يكون في معنى غير الاستفهام.
Página 71