فاستغرب الموبذ كلامه وقال: «إني لم أفارق المعبد منذ ثلاثة أيام لمناسبة العيد وتقاطر الناس إلى فرغانة للتبرك وإيفاء النذور. وكيف تدعوني ولا أجيب؟! وكيف يسأل عني في المعبد ولا أعلم. لا شك أن ولدنا سامان لم يسأل عني أو لعله سأل غير العارفين.»
فحرق المرزبان أسنانه غيظا وقال: «بل هو لم يسأل عنك. ولا أدري غرضه من ذلك أو لعلي أدري ولا أقول، ولقد آن وقت الجزاء وهذا أخي الأفشين شاهد.» ثم صفق فدخل الحاجب فقال له: «لا تأذن لأحد علينا وأغلق الباب.»
كانت جهان قد غادرت الغرفة منفعلة مضطربة لمفاجأتها بقدوم الأفشين، ولما لاحظته من اهتمام أبيها بإعداد الورق والدواة والقلم. فسارت توا إلى ضرغام فرأته واقفا بالإيوان وحده، فأنستها رؤيته هواجسها، وسري عنها. أما هو فتقدم نحوها وسألها عن أبيها، فقالت: «إنه أحسن حالا من الصباح وقد ذكر أنه كان يتمنى أن تكون لي في مكان أخي سامان. فليته علم أنك خير منه مكانا.» قالت ذلك ونظرت إليه نظرة أغنته عن شرح كثير.
فقال لها وعيناه تضحكان: «أشكرك على حسن ظنك يا جهان. وكيف تركت أباك الآن؟»
فتنهدت وقالت: «ألم تعلم بمجيء الأفشين والموبذ؟»
قال: «هل جاء الأفشين أيضا. إني لم أر وردان بعد.»
قالت: «أتيا معا ... هذا الذي كنت أتخوفه! ولكن لا بأس ما دام أبي أحسن حالا.»
قال: «وأين هما؟» قالت: «هما عنده في خلوة وقد خيرني بين البقاء معهم وبين الخروج ففضلت الخروج للتخلص من رؤيتهما ولكي أشاهد حبيبي ضرغاما.»
قال: «لعل خلوتهم ستطول. فهل تأذنين لي بالانصراف برهة ثم أعود؟»
قالت: «إلى أين تتركني؟»
Página desconocida