ثم سكت عن الكلام قليلا وعاد فقال: «ألم يعلم ضرغام أن جهان هنا؟»
قال: «كلا. ولا هي تعلم بأنه على قيد الحياة.»
فلم يصدق قوله وسأله: «وكيف هذا وضرغام لا يدخر وسعا في البحث عنها!»
قال: «قد ساعدني على هذا تغيير الأسماء. كن على يقين أنها تؤمن بما قلته لها من أنه قتل، وهو ما يزال يعتقد أنها خطفت إلى مكان مجهول. وقد فعلت أنا ذلك حسبة لوجه مولاي الأفشين رغم ما قاسيته من إعراضه وحرماني.» قال ذلك ونظر إلى الأفشين وعيناه ترقصان حولا.
فقال الأفشين: «لقد وثقت الآن بإخلاصك. فإذا زدتني يقينا بإكمال سعيك كنت من الغانمين.»
قال: «إني طوع الإشارة، سل ما تشاء أبذل نفسي في خدمتك.»
قال: «ذكرت أنك كنت في البذ فما الذي تعرفه عن أهله وحصونه وجنده؟»
قال: «إن المدينة منيعة كما ترى وفيها الجند والأسلحة، والخرمية يتضامنون في أموالهم وأنفسهم، يتفانون في خدمة زعيمهم. ولكنني أرجو أن يغلبوا على أمرهم.»
قال: «بماذا ترجو ذلك؟»
قال: «أرجوه مما أعلمه من دخائل هذا البلد. فأنا أعرف أن فيها من الأسرى المسلمين وغيرهم عددا كبيرا، منهم سبعة آلاف وستمائة من النساء والأطفال، ويقدر عدد الذين قتلهم بابك بنحو 255 ألف نفس. وأعرف أن الناس قد ملوا سيادته حتى المقيمين ببلده، فإذا تمكن عشرون رجلا منكم أن يدخلوا المدينة ويراهم الناس فأهلها جميعا يستسلمون.»
Página desconocida