فليس في هذه الأبيات أي إشارة، لا من قريب ولا من بعيد على أن الملك هو المعنى المراد في الآيات الواردة في العرش، بل إن المتأمل للآيات والأحاديث الواردة في هذه المسألة، يرى أنها تدل دلالة واضحة وصريحة على أن المراد بالعرش هو ذلك المخلوق العظيم الذي خلقه الله تعالى فوق العالم كله، ثم استوى عليه بعد أن خلق السموات والأرض، وكذلك ترد على هؤلاء المخالفين زعمهم الباطل الذي هو في الحقيقة تحريف لكلام الله.
فيا ترى ماذا يصنع ذلك المخالف الذي يزعم أن العرش إنما هو كناية عن الملك والسلطان بقوله تعالى: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ ١ هل يزعم أن الملك كان على الماء،
وكذلك ماذا يصنع بقوله تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾، أيقول: ويحمل ملكه يومئذ ثمانية، وبقوله ﷺ: "فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش" ٢، أيقول: آخذ بقائمة من قوائم الملك، وكذا قوله ﷺ: "اهتز عرش الرحمن" ٣، أيقول: اهتز ملكه وسلطانه،
_________
١ سورة هود، الآية: ٧.
٢أخرجه البخاري في "صحيحه"، كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهودي.
انظر: "فتح الباري": (٥/ ٧٠)، ومسلم في "صحيحه"، كتاب الفضائل: (٤/١٠١، ١٠٢) .
٣سيأتي تخريجه في التحقيق تحت رقم ٤٨.
1 / 41