ثم قالت: «حتى الآن، كتابي المفضل هو الساعة الرملية.»
فانحنى الكاهن مولر إلى مستواها متسائلا: «كم قلت إنك تبلغين من العمر؟» «ثماني سنوات.»
فردد: «ثماني سنوات وتقرئين الروايات؟ كم هذا مثير للإعجاب!»
كان الكاهن مولر على وشك الإسهاب في أفكاره عندما ربتت شابة مليئة بالحيوية على كتفه وهمست شيئا في أذنه. كانت ترتدي ثوبا أخاذا بلون اليوسفي، والقماش البرتقالي الفاقع مزين من أعلى بشريط أبيض يمتد إلى الخلف حتى يتجمع عند ظهرها الذي كان منفوشا ببطانة ضخمة جدا. وخطر لإلينورا أنها تبدو كما لو كانت حلزونا غريب الشكل.
قال الكاهن: «أرجو المعذرة، فقد ذكرتني مدام كورفيل بأمر عاجل علينا أن نهتم به. لن يستغرق الأمر سوى لحظات.»
فقال البك: «لا عليك. في الحقيقة كنت أعتزم الآن أن أري آل كوهين المشهد من مؤخرة السفينة، فهو مشهد ساحر بالفعل. يمكنك الانضمام إلينا إذا أحببت.»
فقال الكاهن مولر: «عظيم.» واستدار إلى يعقوب قائلا: «صديقي العزيز، علينا أن نناقش أمورا تتعلق بالعمل. ولا تظن أنني قد نسيت أمر تلك السجادة المصنوعة في تبريز التي نصحتني بها لمكتبي.» «نعم، سجادة هيريكي. يمكننا مناقشة ذلك الأمر فيما بعد.»
فقال الكاهن وهو يبتعد مع مدام كورفيل: «حسنا، أراكم لاحقا.»
كان المشهد من مؤخرة السفينة ساحرا بالفعل، فقد ألقت زرقة الصباح الفاتحة المشرقة ببعض الظلال الصفراء، ولم تكن ثمة سحب في السماء على الإطلاق على مدى بصر إلينورا. تقلص قصر توب كابي إلى حجم إبهامها على مسافة ذراع واحدة، واختفت كل المآذن خلف التلال فيما عدا أطراف المآذن الطويلة. وفي ذلك المكان، كانت ضفاف البوسفور مغطاة برقعة كثيفة من أشجار الصنوبر تقطعها كل بضعة كيلومترات قرية صغيرة ورصيف بحري وبضعة رجال ذوو طرابيش رثة يحتسون الشاي. كان الهواء باردا مفعما بالدخان يحمل رائحة الصنوبر. أخذت إلينورا نفسا عميقا، وتفحصت الرائحة ثم أودعتها ذاكرتها. فتلك هي الرائحة التي ستتذكر بها إسطنبول.
ولكن الذاكرة متقلبة كالقدر.
Página desconocida