============================================================
وعلامة لين جلده - أي ظاهره - إجابة قالبه للعمل، فإن خاصية الرطب سهولة التشكل بما أريد له من الأشكال، فذلك كما لان قلبه بإجابته للأخلاق الصالحة التي أريدت منه بأن يتشكل بها، وهذا من جهة كؤنه ثجثا بعد محبوبتته، وحينئذ يريده الله تعالى إرادة خاصة بعد ما كان مرادا له بالكشوف التي حصلت للقسم الثالث.
وذلك بأن يخصه بكشوف أخرى غيرها ويرزقه محبة خاصة من محبة المحبوبين، والثالث وإن أعطي محبة المحبوبين فليست خاصة، ومن أسرار تلك المحبة الخاصة أن المحبوب بتلك المحبة ينقطع فيواصل، وذلك أنه قد يغرض إعراضا يوجب الانقطاع فيراسل إرسالا بالمواصلة، وسبب جريانه
ارسال صورة المجاهدة عليه هو أن يذهب عند جمود النفس الذي به تستثقل الأعمال، وذهاب جمودها هو بلينها للعبادة باصطلائها(1) بوصول حرارة القلب إليها كما لان القلب بوصول حرارة الروح إليه، والنفس تفيض بعد ذلك على البدن فيلين الجلد الظاهر وتشهل عليه الطاعة من غير كلفة، وحيئذ تنقطع عن القلب بسبب امتلائه بحب ربه عروق النفس المنازعة، قال الله تعالى: ( الله نزل أحسن الحديث كتنبا متشبها مثانى تقشعر منه جلود الذين تخشوب رهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) [الزمر: 23].
أخبر أن الجلود تلين كما أن القلوب تلين، ولا يكون لين الجلود مع لين القلوب إلا حال المحبوب المراد، وإلا فالمحب لا تزال نفسه جامدة يجذب إليها الكد في العبادات، والدليل على انكماش عروق النفس عن (1) الاصطلاء: الاستدفاء بالنار.
Página 60