============================================================
ذلك، وعلى هذا يحمل الوجوب المذكور في حق الخواص أرباب القرائح الصافية السليمة، ويحمل توقف الأفعال على معرفتها من حيث التمييز الكامل في أنها مقبولة أم لا، لا من حيث التكليف الشرعي.
إذا علم ذلك فليعلم الطالب أن الخواطر بمثابة البذر، فمنها ما ينبث السعادة ومنها ما ئنبث الشقاوة، والذي ينبث السعادة: خاطر الحق إلا عند الغضب، وخاطر الملك، والذي ينبث الشقاوة: خاطر النفس إلا عند الطمأنينة، وإلا فهي التي أوقعث الشيطان في إبائه من السجود بكبرها وعجبها، وخاطر الشيطان إلا عند قصد الكيد بإظهار خواطر الخير حتى يستذرج إلى خاطر الشر، أو يظهر خاطر خير ليشغل العبد به عما هو أهم أسباب اشتباه الخواطر: وسبب اشتباه الخواطر أربعة أشياء لا خامس لها، وعند ارتفاعها تتم المعرفة بالنافع والضار على ما هما عليه، وطلب الأول والهروب من الثاني: والأول: هو ضعف اليقين بالأمور الأخروية أو بالمخيرين بها.
والثاني: هو قلة العلم الذي تعرف به صفات النفس وأخلاقها التي هي طلب النافع والهروب من الضار فإنها إذا لم تعرف تلبس النفس النافع بالضار والضار بالنافع طلبا لما تهواه وهربا عما يخالف هواها.
والثالث: هو متابعة الهوى وإن علم أته يضل عن سبيل الله، وأن من يضل عن سبيل الله له عذاب شديد، إلا أن النفس قد تغلب صاحبها بحيث يعجز عنها لعدم إلجامها بلجام التقوى ولوجود تعويدها الإتيان
Página 19