وَقَالَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك لأبي حَازِم يَا أَبَا حَازِم مَا لنا نكره الْمَوْت فَقَالَ لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم أخراكم فَأنْتم تَكْرَهُونَ النقلَة من الْعمرَان إِلَى الخراب قَالَ كَيفَ الْقدوم على الله ﷿ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما المحسن فكالغائب يَأْتِي أَهله فَرحا مَسْرُورا وَأما الْمُسِيء فكالعبد الابق يَأْتِي مَوْلَاهُ خَائفًا مَحْزُونا
قَالَ أَبُو بكر الكتاني كَانَ رجل يُحَاسب نَفسه فَحسب يَوْمًا سنيه فَوَجَدَهَا سِتِّينَ سنة فَحسب أَيَّامهَا فَوَجَدَهَا وَاحِدًا وَعشْرين ألف يَوْم وَخَمْسمِائة يَوْم فَصَرَخَ صرخة وخر مغشيا عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قَالَ يَا ويلتاه أَنا آتِي رَبِّي بِوَاحِد وَعشْرين ألف ذَنْب وَخَمْسمِائة ذَنْب
يَقُول هَذَا لَو كَانَ ذَنْب وَاحِد فِي كل يَوْم فَكيف بذنوب كَثِيرَة لَا تحصى
ثمَّ قَالَ: آه عَليّ عمرت دنياي وَخَربَتْ أخراي وعصيت مولَايَ ثمَّ لَا أشتهي النقلَة من الْعمرَان إِلَى الخراب وَكَيف أشتهي النقلَة إِلَى دَار الْكتاب والحساب والعتاب وَالْعَذَاب بِلَا عمل وَلَا ثَوَاب
وَأنْشد
منَازِل دنياك شيدتها ... وَخَربَتْ دَارك فِي الْآخِرَة
فَأَصْبَحت تكرهها للخراب ... وترغب فِي دَارك العامرة
ثمَّ شهق شهقة عَظِيمَة فحركوه فَإِذا هُوَ ميت
على أَن هَذَا الحَدِيث من كره لِقَاء الله كره الله لقاءه قد جَاءَ مُفَسرًا فَعَن عَائِشَة ﵂
قَالَ رَسُول الله ﷺ من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه فَقلت يَا نَبِي الله أكراهية الْمَوْت فكلنا نكره الْمَوْت قَالَ لَيْسَ كَذَلِك وَلَكِن الْمُؤمن إِذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لِقَاء الله فَأحب الله
1 / 31