Nom ، وزادت بعد عصر سترابون حتى أربت على الأربعين.
ويقال: إنها كانت في مبدأ الأمر مواطن للعشائر أو القبائل المختلفة التي تسكن الوادي وما يقابله من جانبي الصحراء، وكانت كل عشيرة منها مستقلة برئيسها وعبادتها المحلية، على حسب الطواطم التي تدين بها، ومن هنا غلبة العبادة في كل إقليم لطوطم من الطواطم الحيوانية، فمنها إقليم الصقر، وإقليم التمساح، وإقليم ابن آوى، وإقليم الهر، وإقليم الحمل، وغيرها من هذه المعبودات الطوطمية؛ ولهذا كبرت بعض الأقاليم أو صغرت لأسباب لا ترجع إلى الوضع الجغرافي أو المصالح الاقتصادية، وتعذر تغييرها، والتصرف في حدودها قبل اتخاذ البلاد جميعا في عبادة قومية عامة.
وإلى جانب هذه التقسيمات كانت هناك أقسام أكبر من هذه الأقسام، نلاحظ في تخطيطها الدواعي العسكرية والسياسية، أو دواعي الدفاع واجتناب النزاع بين أصحاب الحقوق المشتركة في الإمارة.
وأقدم هذه الأقسام قسمان: مصر العليا ومصر السفلى، ثم زيدت عليها مصر الوسطى، وتفرعت مصر السفلى إلى فرعين: أحدهما إلى شرق الدلتا والآخر إلى غربها، ووجد في بعض العصور قسم آخر، يضم إليه الواحات وطرفا من الأرض الليبية، ويتصل بالفيوم والإسكندرية حيث يشرف عليه الوالي الأكبر، لما له من الخطر في الدفاع عن حدود مصر الغربية.
هذه التقسيمات جميعا تحللت وكادت تندثر أو تختلط بينها التبعات في عهد الإمبراطورية الرومانية الشرقية.
ففي عهد الإمبراطورية بطلت الحاجة إلى الدفاع شرقا وغربا؛ لأن مصر كانت محاطة من الجهتين بأملاك الإمبراطورية في فلسطين وفي ليبيا وإفريقية الشمالية ... وبطلت الحاجة إلى الدفاع جنوبا؛ لأن نجاشي الحبشة كان على عهد مع عاهل القسطنطينية أن يتعاونا على حرب فارس وإخراجها من اليمن التي كانت تهم الحبشة وتخشى الخطر من جانبها فلم تبق من حاجة إلى الدفاع في غير الإسكندرية، ولم يكن دفاع البر هو المقصود بالحامية التي تعسكر فيها، ولكنه كان دفاعا بحريا تعززه الحاجة إلى الأسطول لنقل المحصولات والغلات من القطر المصري إلى بلاد الدولة المترامية الأطراف على سواحل بحر الروم.
وجاوز الأمر إهمال الدفاع إلى تعجيز الحاميات، وإغراء بعضها ببعض خوفا من اتفاقها على الدولة، وإجماع قادتها على رفض المطالب التي تتوالى على القطر من القسطنطينية.
فاختلت أحوال الأمن في داخل البلاد، ولجأ بعض السراة من أصحاب الضياع الكبيرة إلى اتخاذ الجند من أتباعهم وزراعهم وحواشيهم، فلم يمض غير قليل حتى نجم الخطر من هذه الفرقة التي لا تدين بالطاعة لقائد واحد، فعاثت في الأرض، وخيف منها على الوادعين المسالمين، وأصبحت شرا عليهم من عصابات اللصوص وقطاع الطريق! وفي تاريخ يوحنا النخيوي وقائع شتى من عبث هذه الفرق، تدل على ما كان من اضطراب الأمن وفزع الأهلين وعجز الحكومة العامة في الأيام الأخيرة قبل الغزوة العربية.
وآل الغرض كله من التقسيمات الإدارية إلى جمع الضرائب والأزواد المقررة للدولة في كل سنة زراعية.
ولم يكن لهذه الضرائب نظام واحد ولا مقدار معروف لا يتغير مع السنين، ويظهر هذه الاختلاط في سياسة الضرائب من تضارب الأقوال بين المؤرخين الذين جمعوا كل ما أتيح لهم جمعه من الوثائق والسجلات وأوراق البردي ورسائل العواهل والولاة، فاختلفوا في ضريبة الأرض وضريبة الرءوس، وذهب بعضهم إلى نفي الخبر المتواتر عن وجود ضريبة الرءوس في مصر على عهد الدولة الرومانية الشرقية؛ لأنهم لم يجدوا لها موضعا بين أنواع الضرائب على الأطيان، ثم اتفق بعضهم على أن ضريبة الأطيان هي ضريبة الرءوس التي أصبحت أساسا لتحصيل الجزية بعد فتح العرب؛ لأنهم كانوا يلاحظون في مقدار ضريبة الأرض كفاية الزارع الواحد طول العام، فتحسب الغلات بحساب الرءوس، ولا يختلف التقدير بين ضريبة الوحدة الأرضية
Página desconocida