أنه يرى نفسه صاحب الحق الشرعي (1) وكان يرمي من وراء ذلك الحفاظ على وحدة المسلمين ووحدة كلمتهم ليبقى الإسلام ويستمر في مسيرته ، كما أن الطرف الآخر كان يرمي من وراء نخوته الجاهلية إلى عكس ذلك ، محاولا إيقاع الفتنة بين المسلمين ، ولكنه فشل ، وقد كشف عما يدور في نفسه في أكثر من موقف. وقد حدث عبد الله بن الزبير فقال :
« كنت مع أبي باليرموك وأنا صبي لا أقاتل ، فلما اقتتل الناس نظرت إلى ناس على تل لا يقاتلون ، فركبت وذهبت إليهم ، فإذا أبو سفيان بن حرب ومشيخة من قريش من مهاجرة الفتح ، فرأوني حدثا فلم يتقوني ، قال. فجعلوا والله إذا مال المسلمون وركبتهم الروم يقولون : إيه بني الأصفر! فإذا مالت الروم وركبهم المسلمون ، قالوا : ويح بني الأصفر! وكان يقول : وبنو الأصفر الملوك ملوك الروم لم يبق منهم مذكور (2).
فلما هزم الله الروم أخبرت أبي ، فضحك وقال : قاتلهم الله أبوا إلا ضغنا لنحن خير لهم من الروم (3).
وأعيت الحيلة من هم هذه الشاكلة في ضرب المسلمين وتشتيتهم ، ولكن إرادة الله سبحانه كانت هي الأقوى في حماية هذا الدين ، فكانوا أقصر من أن ينالوا منه ، وكان هو أبعد شأوا وأشد منعة.
« تحرك دعاة الردة »
قال ابن الأثير : وارتدت كل قبيلة ، عامة أو خاصة ، إلا قريشا وثقيفا واستغلظ أمر مسيلمة الكذاب وطليحة ، واجتمع على طليحة عوام طيء وأسد. وارتدت غطفان تبعا لعيينة بن حصن ، فإنه قال : نبي من الحليفين
Página 77