يا من عصى الملك العلام، وخلا بالمعاصي في الظلام، يا من ذنوبه لا تحصى، وعيوبه لا تنسى، وذنبه لا يعفى، وقد برح الخفاء وكثر الجفاء، إخسأ فيها يا مطلوب يا مكروب، يا كثير الذنوب، أفسدت في الدنيا دينك، وضيعت فيها حظك، يا كثير القبائح، يا عظيم الفضائح، يا كثير الرياء، يا قليل الحياء، ( يا مغرور، يا من عطل الأيام والشهور، يا من ركب الشرور، يا من جعل ليله لكسب الذنوب والأوزار، يا من عصى الملك الجبار، يا من بارز الخالق في وقت الأسحار، يا من يصبح عاصيا، ويمسي ناسيا، ويصلي لاهيا، أصبحت من رحمة الله قاصيا )، يا مغبون يا مثبور، يا من اطمأن بدار الغرور، يا من قدم غير معذور، ما حجتك في يوم النشور ؟ ما أتركك لصلاحك! ما أغفلك عن أخذ زادك! مهلا عن التفريط، مهلا عن التخليط، مهلا قبل البين والفراق، يوم تلتف الساق بالساق، قبل مجيء ما لا يطاق.
قال الوافد: يا عجبا من هذه الدنيا ما أمكرها! ما أخدعها، ما أخورها، ما أدبرها! ما أقل نفعها! ما أكثر ضرها! ( تحلو وتمر، ما للدنيا بقاء، ما للدنيا وفاء، الدنيا بلاء، لا يجمعها ذوتقى، ما أكثر تخليطي، ما أكثر تفريطي )، ما أغفلني عن أعمالي، ما أقبح أفعالي، إلى كم أغتر بآمالي، كم أخوف ولا أخاف، كم أعرف ولا أعرف، كم أصر على الذنوب ولا أنصرف ؟! كم يمهلني ربي ولا أعترف ؟! إلى متى أقول: عسى وسوف ؟! وأدخل الحرام الجوف، أدخلت في قلبي الظلمة، غفلت عن الطاعة، وكفرت بالنعمة، نسيت الجريمة، واستعملت النميمة.
Página 301