[الحمد والشكر]
قال الوافد: وكيف يكون الشكر ؟
قال العالم: الشكر على سبعة أشياء.
قال: وما هي ؟
قال: الخلق، والملك، والرزق، والعافية، والعلم، والقدم، والقدرة. فتنظر إلى ثبات عقلك، وتمام خلقك، فتحمد الله العظيم على ذلك كثيرا.
ثم تنظر إلى الملك كم من ذي روح غيره له مالك، والله مالك كل شيء، وأنت لا مالك لك، فتحمد الله على ذلك كثيرا. ثم تنظر إلى مالك وولدك وطعامك وشرابك، ولباسك ونومك وإيقاظك، وتنظر إلى اختلاف الليل والنهار، كيف يقربان البعيد، ويبليان الجديد. ثم تنظر إلى العافية، وإلى كل شيء تخافه على نفسك في ليلك ونهارك، مما تراه ومما لا تراه! فتعلم أنه لا يدفع ذلك ولا يصرفه، ولا يكفيك ما ترى وما لا ترى، إلا الله سبحانه وتعالى، فتحمد الله على ذلك كثيرا.
ثم تنظر إلى المصائب التي تصيب الناس في أبدانهم المركبة عليهم، فتعلم أن في تركيبك مثل ما في تركيبهم، فتحمد الله الذي ستر عليك ما ظهر على غيرك من العلل والآفات.
ثم تنظر إلى من كان من قبلك وإلى من هو كائن من بعدك في دنياك وآخرتك.
ثم تنظر إلى القدم فتعلم أن الله قديم لم يزل ولا يزول.
ثم تنظر إلى القادر فتعلم أن الله قادر لا بقدرة غيره، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
ثم تنظر إلى العلم فتعلم أن الله قد علم ما هو كائن قبل أن يكون.
ثم تنظر إلى ما سخر لك الله من جميع الخلق، وذرأ وبرأ من السماء التي زينها بالكواكب والشمس والقمر، وأجرى ذلك لمنافع الخلق. وما جعل من الرياح والسحاب، وما جعل في الأرض من الحيوان المسخر المجبور المقهور المنقاد إلى المنافع، فتحمد الله على ذلك كثيرا.
قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله ؟
قال العالم: الصبر على قضاء الله سبحانه، فما جاء من عند الله حمدت الله عليه، ولم تسخط ذلك وسلمت الأمر لله، ورضيت بقضاء الله وحمدت الله على ذلك كثيرا.
قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله ؟
Página 275