والتي تفوق في نعومتها زغب الأوز ...
وعندئذ طنت حولها ذبابة، فطردها وتذكر هذه الأبيات:
إن الذباب فوق يد جوليت العزيزة ذات البياض العجيب،
قد يستولي ويسرق من شفتيها البركة الخالدة،
وهما تخجلان في تواضع طاهر عذري،
كأنهما تحسبان قبلاتهما إثما من الآثام.
ومد يده في بطء شديد وبحركة تدل على التردد، كأنه يمدها ليربت بهما على طائر خجول لا يخلو من الخطر، وظلت يده معلقة في الفضاء، وهي ترتعد على بعد بوصة من أصابعها المرتخية، وقد أوشك أن يمسها، ولكن هل يجرؤ أن يدنس بيده النجسة تلك ... كلا، إنه لم يجرؤ، فالطائر شديد الخطر، وأرخى يده، ما أجملها! ما أروعها!
وطرأ له فجأة أن يمسك بالمشبك عند عنقها ويجذبه إلى أسفل جذبة قوية طويلة، ما عليه إلا أن يفعل ذلك ثم ... وأغمض عينيه وهز رأسه بحركة كحركة الكلب يهز أذنيه وهو يخرج من الماء، لقد كانت فكرة ممقوتة! وخجل من نفسه. إن تواضعها طاهر عذري .
وسمع في الهواء طنين، فهل كانت ذبابة تحاول أن تسرق البركة الخالدة؟ أو دبور؟ وتلفت حواليه فلم تقع عينه على شيء، وعلا الطنين وتركز خارج النوافذ الخشبية، إنها لطائرة! ونهض على قدميه مذعورا وهرول إلى الغرفة الأخرى، وأطل من النافذة المفتوحة، وأسرع في مسيره فوق الممر الذي يتخلل أشجار الصبر، ولم يتأخر عن استقبال برنارد ماكس، وهو يخرج من الطائرة في الوقت المناسب.
الفصل العاشر
Página desconocida