El Mundo Divertido

Mahmud Mahmud d. 1450 AH
141

El Mundo Divertido

العالم الطريف

Géneros

فوثب الهمجي على قدميه مذعورا، كأنما لدغته حية، وبدد السهام والريش وآنية الغراء والفرجون أيدي سبا.

فقال المراسل، وقد وخزه ضميره وخزا شديدا: «عفوا، إني لم أقصد ...» ومس قبعته - وهي من الأليومنيم وتشبه أنبوبة الموقد، وكان يحمل فيها جهازه اللاسلكي المستقبل وأداة التحويل، ثم قال: «لا تؤاخذني لأني لم أخلع قبعتي فهي ثقيلة نوعا، كنت أقول لك: إني مندوب «راديو الساعة» ...»

فسأله الهمجي وهو عابس، قال: «ماذا تريد؟» ورد عليه المراسل بابتسامة تنم عن العطف.

ومال برأسه جانبا وداعبه بابتسامته قائلا: «إن قراءنا بالطبع يشوقهم كثيرا أن ... يسمعوا بضع كلمات عنك أيها الهمجي.» وفك سلكين مرتبطين ببطارية خفيفة مشدودة إلى خصره على عجل، مؤديا بحركاته سلسلة من الطقوس، ثم وضع السلكين في آن واحد في جانبي قبعته الأليومنيمية، ومس زنبركا في قمتها فانتشر في الهواء كقرني الاستشعار في الحشرة، ثم مس زنبركا آخر في مؤخرة حافة القبعة، فقفز إلى الخارج كالصاروخ ميكروفون وبقي معلقا في الفضاء، يهتز على بعد ست بوصات من أنفه، ثم أرخى على أذنيه سماعتين، وضغط على زر على الجانب الأيسر من القبعة، فصدر من الداخل صوت خافت يشبه طنين الدبور، وأدار عقدة على اليمين، فقاطع الطنين أزيز السماعة وطقطقتها، وصوت فواق وصرير مباغت، فقال في الميكرفون: «هلو، هلو ...» ورن داخل قبعته أحد الأجراس بغتة: «هل هذا هو أنت يا أدزل؟ أنا بريمو ملن أتكلم، نعم لقد قبضت عليه، وسيتناول الهمجي الميكرفون الآن ويقول بضع كلمات، أليس كذلك أيها الهمجي؟» ورفع بصره نحو الهمجي وعلى شفتيه إحدى تلك الابتسامات الظافرة، وقال: «أخبر قراءنا لماذا أتيت هنا، ما الذي حدا بك إلى الهجرة من لندن بغتة كما فعلت (استمع يا مستر أدزل)، وحدثهم بالطبع عن ذلك السوط.» فذعر الهمجي، وتعجب كيف جاءهم نبأ السوط، ثم قال: نحن جميعا شديدو الشغف بأن نعرف شيئا عن السوط، ثم قل لنا شيئا عن الحضارة، وأنت تعلم ما يقال في مثل هذه الموضوعات: رأيي في الفتاة المتمدنة، قل لنا كلمات قلائل جدا ...»

فأطاعه الهمجي حرفيا وهو في حيرة شديدة، وتفوه بخمس كلمات فقط، خمس كلمات كتلك التي ذكرها لبرنارد عن كبير منشدي كانتربري حينما قال: «هاني! سونز أسو تسينا.» ثم أمسك المراسل من كتفه ودار به عدة دورات (وظهر أن الشاب مدثر دثارا مغريا)، وركله ركلة قوية محكمة، كأنه بطل من أبطال المصارعة في قوته ودقته.

وبعد ثماني دقائق صدرت طبعة جديدة من «راديو الساعة»، وعرضت للجميع في شوارع لندن، وجاء في عناوين الصفحة الأولى «الهمجي العجيب يركل مراسل «راديو الساعة» في العصعص، الهياج في سري».

ولما عاد المراسل إلى لندن وقرأ هذه الكلمات قال لنفسه: «الهياج في لندن ذاتها» وكان هياجا مؤلما، ثم ماذا؟ لقد جلس يتناول غداءه بحرص شديد.

ولم يرتدع أربعة آخرون من المراسلين يمثلون نيويورك تيمز، وحوادث فرانكفورت للأبعاد الأربعة، ومستشار علم فورد، ومرآة «ء»، لم يرتدعوا بما أصاب زميلهم في العصعص من جرح بليغ، فتوجهوا عصر ذلك اليوم إلى الفناء، واستقبلوا استقبالا بالغا في العنف.

وصاح ممثل «مستشار علم فورد» وهو آمن على بعد ولا يزال يمسح عجزه قائلا: «يا لك من أحمق جاهل، لماذا لا تتناول السوما؟»

وهز الهمجي معصمه وقال: «اغرب عني.»

Página desconocida