واستمرت تقول: «ويشتغل بها قوم أنصاف معتوهين من طراز «ه»، وإذن فلماذا حقا ...؟» - «لماذا؟ من أجلك أنت، كي أظهر أني ...» - «وإني لأعجب بالعلاقة بين المكانس المفرغة والأسد.» - «كي أظهر مقدار ...» «وما العلاقة بين الأسد وسرورك برؤيتي ...» وزاد حنقها.
فأجاب يائسا: «مقدار حبي لك يا ليننا.»
وتدفق الدم في وجنتي ليننا دليلا على أن تيار الغرور الباطني قد هاج في نفسها، وسألته: «هل تقصد ما تقول يا جون؟»
فصاح الهمجي، وقد ضم يديه إحداهما إلى الأخرى في شيء من الألم، وقال: «لم أقصد أن أقول ذلك، ولن يكون ذلك حتى ... أنصتي إلي يا ليننا، إن الناس في مالبي يتزوجون.»
قالت: «ماذا تعني؟» وعاد الانفعال إلى صوتها، فيم كان يتكلم الآن؟ - «إلى ما شاء الله، إنهما يتواعدان على العيش معا إلى ما شاء الله.» - «ما أبشع هذه الفكرة» وقد صدمت ليننا فعلا. - «إنهما يتلازمان بعد زوال الجمال الظاهري، ولهما عقل أسرع تجددا من فساد الدم.» - «ما هذا؟» - «إنه كالذي جاء في شيكسبير: «إنك إن فضضت بكارتها قبل أن ... الحفلات الدينية بكل طقوسها المقدسة».» - «بربك يا جون، تكلم كلاما معقولا، لست أفهم كلمة واحدة مما تقول، أشرت أولا إلى المكانس المفرغة، ثم إلى البكارة، إنك تدفعني إلى الجنون.» ووثبت من مكانها وأمسكته من معصمه، كأنها تخشى أن يفر منها جسما وعقلا، ثم قالت: «أجب عن هذا السؤال: هل تحبني فعلا أو لا تحبني؟»
وساد الصمت برهة ثم قال بصوت منخفض جدا: «إنني أحبك أكثر من أي شيء في الدنيا.»
فصاحت قائلة: «إذن فلماذا لم تقل ذلك؟» وبلغ بها الحنق أنها دفعت أظافرها الحادة داخل جلد معصمه، ثم قالت: «بدلا من الهذيان بذكر البكارة والمكانس المفرغة والأسد، فتسبب لي البؤس عدة أسابيع متوالية.»
وأطلقت يده وأبعدتها عنها وهي غاضبة، وقالت: «لولا أني شديدة الحب لك لثرت في وجهك.»
وطوقت عنقه في الحال بذراعيها، وأحس بنعومة شفتيها على شفتيه، ما أعذب نعومتهما، ما أحرهما وما أشد ما فيهما من كهرباء، فألقى نفسه مضطرا إلى تذكر العناق الذي حدث في قصة «الأسابيع الثلاثة في الطائرة»، وتذكر آهات الفتاة الشقراء المجسدة، وآهات الزنجي، الحقيقة أكثر من الواقع، يا للفزع ... فحاول أن يتحرر من ليننا ولكنها شددت عليه العناق.
وتراجعت بوجهها كي تتمكن من رؤيته وهمست قائلة: «لماذا لم تقل ذلك؟» وبدا في عينيها عتاب رقيق.
Página desconocida