Mundo de Presas y Restricciones
عالم السدود والقيود
Géneros
ولم تمض دقائق على هذا التمثيل الغبي حتى سمعته في غرفة العمليات الجراحية يردد بعض العبارات الإنجليزية بأعلى صوته، ويجيب الطبيب على كل سؤال يلقيه عليه، وإنما الفضل في شفاء خرسه المصطنع للدواء المرقد الذي خدره به الطبيب فحجب إرادته وأطلق لسانه! •••
وقد أظلم السجن إذا أنا جزمت بأن الأربعة الذين أجملت وصفهم هنا هم كل من فيه من ذوي «الشخصيات» والغرائب الملحوظة، فغاية ما أجزم به أنهم هم كل من أذكر الآن ممن رأيت، ولعل لهم أشباها ونظراء لم أرهم والحمد لله، ولا أسف على ما فات.
ذلك أنني بليت بمن لقيت من هؤلاء الأربعة بعد خروجي من السجن بلية لا يؤسف على فواتها، فمنهم من كان يلقاني في شوارع العاصمة فلا يدعني دون أن يتقاضاني ضريبة لقائه، ومنهم من كان يحييني تحية الزملاء الرصفاء كلما بصر بي في ناد أو طريق، وعرف أولهم «النقيب» طريق داري فحاصرني فيها مرارا لا يبرح الدار إذا حضر حتى أخرج أو أعود، وأسوأ ما في الأمر أنه لم يكن يحضر إلا وهو سكران طافح معقود اللسان مسترذل الحديث.
قلت له آخر يوم وقد دعوت له الشرطي: يا نقيب! إنك تحتاج إلى سجن لتكون ظريفا وقانا الله من ظرفك وأنت سجين ومن مضايقاتك وأنت طليق، فاذهب ولا تعد، وإلا أعدتك مع هذا الشرطي إلى حيث لا أراك.
وذهب ولم يعد حتى الآن، لا أعاده الله.
الجريمة والعقاب
سومرست موام
Somerset Maugham
كاتب إنجليزي مستفيض الشهرة، له مؤهلات كثيرة لمعرفة الطبيعة الإنسانية؛ لأنه كان طبيبا ومريضا في وقت واحد، فهو عليم بما في الإنسان من ضعف وما يشتمل عليه من أثرة وعطف، وهو كاتب قصاص يتتبع «الشخوص» وينقب عن أسرار الطبائع وبواعث الأخلاق، ودخائل الآداب المصطلح عليها بين الطبقات، وقد اشتغل «بالجاسوسية» أيام الحرب العظمى، فعاشر الساسة والمغامرين، وعرف كيف يستدرج الناس إلى إفشاء الأسرار والوشاية بالأعداء والأصدقاء، والوقوع في أشراك المطاردين والرقباء، وكيف يزل أصحاب الدعوات والمثل العليا من أجل مطمع أو مظهر أو شهوة أو غواية، وكيف يستهين بالحياة البشرية من ليس له غرض في إتلافها غير المال والمتاع، وكيف يقبل الشرفاء استخدام الأثمة والأخساء عندما تعن لهم المصلحة العامة أو المصلحة الخاصة، وكيف يتوارى الناس وراء دعوى الوطنية أو الغيرة على الحضارة والحرية لقضاء اللبانات وشفاء الحزازات والترات، وقد زاده علما بطبيعة الإنسان أنه ساح في الغرب والشرق سياحة متفرج، وسياحة مستطلع مستخبر، فأعانته هذه المؤهلات كلها مع الفطنة الوقادة والبديهة الحاضرة على استكناه النفوس والنفاذ إلى ما وراء الظواهر، واختبار دعوى الخير والشر في الصالحين والطالحين على حد سواء.
هذا الرجل الكيس اللبيب يروي بلسان مدير الشرطة في بعض البلاد الآسيوية قصة عن «أسرة موقرة» مؤلفة من أب وأم اشتركا في قتل زوج المرأة السابق، ولهما بنت هي بنت الخليل وإن كانت منسوبة إلى الحليل، وقد حدثت جريمة القتل؛ لأن المرأة حملت وزوجها السابق لا يشك في سفاحها إذا ظهر عليها الحمل، فدبرا الجريمة قبل أن يفتضح السر ونجحا في إخفائها، ثم انقضت الأيام والسنون والأسرة تعيش في سلام لا يعكر صفوها معكر ولا ينغص عليها العيش تبكيت الضمير ولا يجترئ أحد على الإيماء إليها بمسبة أو إهانة.
Página desconocida