En la puerta de Zuwayla
على باب زويلة
Géneros
حتى اهتزت جوانب السرادق بصوت أجش يصيح: اخرس، لا أمان لك!
فالتفت الناس نحو الباب مذعورين، ليجدوا كوكبة من المماليك السلطانية يقدمهم فارس على جواده، قد اقتحموا السرادق شاهرين السيوف، لا يبالون من في طريقهم من الناس أن تطؤهم الأقدام، أو تحطمهم سنابك الخيل، فقصدوا إلى المنصة حيث كان علي بن رحاب في جوقته قد ألجمهم الفزع، فتسمروا في أمكنتهم مرعوبين، لم يحاول أحد منهم أن يفلت من ذلك القضاء النازل أو يفر بنفسه. وتقدم الفارس إلى حيث كان علي بن رحاب، فانتزعه من صحابته وهو يقول: تعال أيها الصعلوك؛ لترى ويرى الناس فيك جزاء من يتدخل فيما لا يعنيه!
ثم اقتلعه عن المنصة في غلظة وأسلمه إلى جنده؛ ليمضوا به إلى مجلس الدوادار الكبير طومان باي؛ ليقتص منه على ما ينسب إليه من الذنب ...
كان الناس من الفزع والدهشة، كأنما أخذتهم الصاعقة بغتة، فأسرع منهم إلى الباب طائفة يريدون الفرار، فسقطوا تحت أقدام الجند، وترامى بعضهم على بعض، فما منهم إلا كسير أو جريح أو قتيل قد لفظ نفسه، وطائفة كأنما أصابها الرعب بالشلل، فيبست أيديهم وأرجلهم، ولم يستطيعوا من مكانهم حراكا، ونجوا بالخوف من الهلكة، وطائفة تسمع وترى وتتهيأ للدفاع باليد واللسان إذا تهيأ لها سبيل الدفاع ...
فلما هم الجند أن يمضوا بعلي بن رحاب، اعترض سبيلهم الأمير الشاب طومان، وصاح بهم صيحة آمر: قفوا! أين تذهبون به؟
فالتفت إليه قائدهم مستنكرا يقول: كيف تجرؤ يا سيدي؟ إنه أمر الدوادار الكبير طومان باي!
قال طومان: وما جريرته حتى يؤخذ هذه الأخذة، وتطأ خيلك إليه بطون الناس؟
قال القائد وعلى شفتيه ابتسامة تعبر عن معنى : إذا أردت يا سيدي أن تعرف جريرته، فإني أستطيع أن آخذك معه لتعرف هناك بين يدي الدوادار الكبير.
ورمى بصره نحو مماليكه، ولكن طومان لم يلبث أن رده إليه وهو يقول: بل سيبقى علي بن رحاب هنا؛ حتى يعرف هو نفسه أي جريرة يؤخذ بها.
ثم خطا خطوة فوقف إلى جانب علي بن رحاب، ووضع يده على قبضة سيفه، وهو يجيل نظره بين المماليك كأنما يتحداهم فردا فردا، وجماعة متحدة أن يبرزوا إليه ليستخلصوا أسيرهم من يده، وقبل أن يتدبر قائد الجند موقفه من هذا المملوك الشاب، كانت كلمات طومان قد لامست كل قلب من قلوب الناس، فسرت في عروقهم هزة عنيفة واستيقظت حميتهم، فإذا هم يصيحون بالمماليك صيحة رجل واحد، ويندفعون إليهم اندفاع الموج على ساحله ... وأوشكت أن تنشب معركة.
Página desconocida