En la puerta de Zuwayla
على باب زويلة
Géneros
ورفع رأسه بعد فترة وهو يسأل نفسه: أتكون هي نوركلدي؟ فمن أين جاءت؟ وإلى أين؟ ولماذا؟
ثم أطرق ثانية وعاد يفكر، وطال إطراقه وفكره فلم ينتبه إلا بعد حين ، ثم رفع رأسه وحدق فيها بعينين جامدتين، وفي نفسه ريب وعلى شفتيه حديث طويل لم ينبس منه بحرف.
ولكن عيني العجوز لم تطرفا ولم تنفرج شفتاها عن كلمة. لئن كانت هي نوركلدي إنها إذن لا تعرفه. وطال تحديقه وطال صمتها، وانتابها القلق من وجهه الجامد وعينيه الشاخصتين، فسألته في لهفة: هل عندك ما تحدثني به يا سيدي من أنبائك؟
ورده صوتها من الشك إلى اليقين، فلم يدع الفرصة تفلت من يده وقال في صوت يختلج: نعم يا سيدتي: اسمك نوركلدي، من بلاد الغور وراء جبال القبج، وقد فارقك حبيب من أحبائك منذ سنين بعيدة، إلى حيث لا تعرفين ولا تطمعين أن تعرفي، ولعلك أن تلقيه يوما ...
شحب وجه نوركلدي وتتابعت أنفاسها وهي تقول في ذهول: نعم، فبحق من أنبأك الغيب يا سيدي إلا ما هديتني إليه، إنه ...
قال مقاطعا: إنه زوجك أركماس!
قالت المرأة وقد زاد شحوبها وأخذها البهر: نعم، زوجي أركماس، وولدي!
وكأنما أعداه ما بها من الشحوب حين لفظت كلمتها الأخيرة، فبدا وبدت كأنهما تمثالان من الكبريت الأصفر، وبردت أطرافه وتوقفت أصبعه عن الحركة وهو يقول: صه! لغير هذا المجلس يا سيدتي تتمة الحديث عن زوجك وعن ولدك.
ثم أخفى وجهه في راحتيه وأخذته مثل الغشية وهو يردد في همس خافت: ولدي! ولدي!
ثم ثاب إلى نفسه بعد برهة ليدير عينيه فيمن حوله من النساء قلقا، ثم يعود إلى صاحبته فيطيل النظر ... وما يزال الصدى يرن في أذنيه: ولدي!
Página desconocida