En la puerta de Zuwayla
على باب زويلة
Géneros
قال الشيخ بدر الدين منكرا: أخ!
فأجاب الجركسي في حدة: لا أخ ولا بخ يا سيدنا، إنه هو الحق يقال ...
قال أعرابي في أقصى المجلس وهب واقفا يتهيأ للانصراف: نعم إنه الحق وإن غضب الشيخ، لقد أكلنا الغوري شحما ولحما ويطمع أن يحارب عدوه منا بعظم معروق، حسبه أن يكون في جنده أرقم الرمال إن كان عنده للقتال عزم!
ثم غادر المجلس تشيعه الأنظار، فلم يكد يبتعد حتى ارتدت أبصار الجماعة إلى أرقم الرمال ... ذلك المسيخ المشوه الخلق الأحمش الساقين المستكرش البطن، كأنه صرة ثياب على عصوين من قصب ... أيريد ذلك المسيخ - على ما به من الهرم والضعف والوهن، وعلى ما يضمر من الكره والبغضاء للغوري - أن يكون جنديا تحت رايته ليدفع عن مصر؟!
وكأنما ألم بالجماعة خاطر واحد حين التقت أعينهم في لحظة معا بعيني ذلك المسيخ الهرم، وهو متكور في مجلسه إلى يمين الشيخ، فابتسموا، وكأنما ألم الخاطر نفسه بأرقم، فانفرجت شفتاه عن شيء يشبه الابتسام، ثم حدق بعينيه فيما أمامه وانسرح في واد من الأوهام!
وعاشت القاهرة في هم ناصب بضعة أشهر، ولم تزل الأنباء تترادف على مصر بعظم استعداد ابن عثمان على الحدود، فأجمع السلطان أمره على الخروج ... وأصدر أمره إلى الأمراء، وإلى القرانصة والجلبان، وإلى الفلاحين وأولاد الناس، وإلى أعراب البادية ... ودعا إلى صحبته الخليفة العباسي، ودعا شيوخ الصوفية الأربعة، ودعا قضاة القضاة ونوابهم، وحشد العمال والصناع وذوي الحرف وأصحاب الفنون، ولم ينس أن يكون في ركبه طائفة من المغنين والمغنيات، وناقري الدفوف ونافخي الشبابة وأصحاب المزامير.
واجتمع للغوري جيش لم يجتمع مثله لقايتباي ولا لسلطان مصري قبل قايتباي أو بعده، وحمل معه خزائنه بما اجتمع له فيها من المال منذ ولي العرش، وحزم نفائسه ومقتنياته الغالية محمولة على البغال والنجائب. واحتشدت القاهرة كلها تشهد جيش السلطان الغوري خارجا للقاء ابن عثمان ...
وبقي في القاهرة نائب السلطان الأمير طومان باي الدودار ...
وترادفت الكتائب على الطريق كتيبة وراء كتيبة تحمل أعلامها ويشيعها الناس بالدعوات، وخرج موكب السلطان آخر الركب تظله رايته ويختال من تحته فرسه، وقد حف به أتباعه وبطانته وخاصة أمرائه، وكان يتبعهم على الطريق فارس على سرجه، كأنه صرة ثياب مشدودة إلى ظهر حصان قد تدلى منها على الجانبين عصوان من قصب ...
وأشار الناس بالأصابع إلى ذلك الفارس هاتفين في عجب ودهشة، أو في إعجاب وتقدير: أرقم الرمال!
Página desconocida