En la puerta de Zuwayla
على باب زويلة
Géneros
حمامة السلام
قال أبو النجم الرمال في خاتمة حديثه وقد جمع أطراف منديله فطواه ودسه في جيبه: هو ما قلت يا مولاي وما أنبأتني به الطوالع، وما كذبتني قط في نبأ ... وسيطول عهدك يا مولاي ويمتد حتى تبلغ أقصى العمر، ثم يكون هذا العرش لصاحب ذلك الاسم الذي ترمز إليه النجوم، وأوله من حروف الهجاء س ...
قال الغوري: ولكنك لم تنبئني بكل ما تعرف، إن لم تخبرني صريحا باسم ذلك السلطان الذي يكون له عرش مصر من بعدي!
قال أبو النجم وقد ضيق عليه: ومن أين لي أن أعرف يا مولاي غير ما حدثتني به النجوم، وإن للغيب أسرارا لا تنكشف إلا حين يوفى الأجل، وإنما لي من النجم شعاعه دون جرمه وكثافته، فلست أعرف من اسم ذلك السلطان إلا أول حرف منه!
قال الغوري غاضبا: أشعوذة وكذبا أيها الرمال؟! فبالله لآمرن بك فتساق إلى السجن إن لم تخبرني ما تمام ذلك الاسم الذي تخوفني به، فما أنت وهذا الصمت إلا أحد رجلين: دجال يفتري على الله الكذب، أو مارق من طاعة السلطان يعصيه فيما يأمره، ويخفي عنه ما يعلمه، وليس لك عندي على الحالين شيء مما كنت تأمل من المثوبة والأجر، وإنما هو السجن والعذاب حتى تفيء إلى الطاعة وتتوب من المعصية!
ثم دعا غلاما من غلمانه فأمره أن يسوق الرمال مقيدا إلى سجن القلعة حتى يرى فيه رأيه.
يا للرجل! كم أمير من أمراء هذه الدولة، وكم سلطان نال أبو النجم الرمال من جوائزهم ما لم يكن يحلم به، وما احتفل لمرضاة أحد منهم كما احتفل لمرضاة هذا السلطان الشحيح الكز، الذي لم يكفه أن يحرمه جائزته بل حرمه حريته كذلك، ومن يدري! لعله يدعه في ذلك السجن حينا حتى يشتري حريته بمال!
وقال الغوري لنفسه وقد خلا به المجلس: إنه ليخيل إلي أن ذلك الرمال صادق فيما يحدث به عن نجومه، ولكن من ذلك الأمير الذي سيكون له من بعدي هذا العرش وأول اسمه س؟ لو كان ولدي لهدأ بالي، أو لو كان طومان! أما والله لو أنعم علي بولد لسميته سعيدا، وجعلت له ولاية العرش قبل أخيه البكر، فأفسد بها على ذلك الدجال نبوءته!
وسرح السلطان الشيخ في أوهامه، فلم يعد من سرحته إلا حين قدم حاجبه ينبئه بمقدم بريد الشام ... «سيباي نائب الشام يشق عصا الطاعة ويتمرد!»
ماذا؟! وعاد إلى الرسالة التي جاء بها البريد من الشام يقرؤها ثانية وثالثة، فلم يزده ما قرأ إلا يقينا بهذه الحقيقة المروعة: سيباي نائب الشام يعصي!
Página desconocida