بعد ذلك أتى صاحب الفندق، وقلب محطات المذياع حتى نجح في التقاط محطة لندن على الموجة الترددية العالية في مجاملة لنزلائه. وسط التشويش الإذاعي، أخبرهم صوت عذب مألوف: «كنتم تستمعون إلى ...»
لكنهم لم يكونوا يستمعون إلى شيء.
كانت الآنسة فلود-بورتر تتخيل حديقتها تحت بريق قمر الحصاد الفضي. تساءلت إذا ما كانت براعم الأقحوان التي زرعت منها ثلاثة في كل أصيص قد تفتحت، وإذا ما نجت زهرات الميرمية من الحلزونات.
بينما كانت الآنسة روز تضع أحذيتها بسرعة في قاع إحدى الحقائب، سرت في جسدها قشعريرة عندما تذكرت أمرا؛ إذ رأت مرة أخرى حفرة واسعة في أحد مراقد الأزهار بالحديقة، كانت تستقر فيها كومة من أزهار الدلفينيون العزيزة عليها منذ ليلة. لم تكمن المشكلة في خسارة كنزهما فحسب، بل أيضا في عدم معرفة أين سيضرب العدو المرة القادمة، وهو أمر مرهق للأعصاب.
وكان القس وزوجته يفكران في طفلهما النائم في مهده. عليهما أن يقررا إذا ما كانا سيسترقان النظر إليه فحسب، أم سيخاطران بإيقاظه بقبلة.
أما آيريس فتذكرت أصدقاءها وهم يغادرون في القطار السريع الهادر، وفجأة لطمتها موجة من الحنين إلى الوطن.
كانت إنجلترا تنادي.
الفصل الخامس
قطار الليل السريع
استيقظت آيريس تلك الليلة كالعادة، على هدير القطار وسط العتمة. قفزت من سريرها، وبلغت النافذة في الوقت المناسب لرؤيته يلف منحنى البحيرة بشريط ناري. بينما كان يمر مقعقعا من أمام الفندق، تمددت اللطخة الذهبية لتصير سلسلة من النوافذ المضاءة، التي التحمت مجددا مثل حلقات سوار بمجرد أن مر.
Página desconocida