اجتمعت في أوائل مايو 1922 بالأستاذ الشيخ الغمراوي المفتش الأول للغة العربية في وزارة المعارف. فذكرت عائشة فقال: «إنها شاعرة عصرها وإن أساءوا فهم كثير من معانيها.» قلت: «مثلا» فقال: مثال ذلك قولها:
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي
إلا بكوني زهرة الألباب
فما يفهمه الشخص العادي من هذا البيت أنها تمدح نفسها مدحا يشبه الذم. وما ذلك إلا لقصر النظر أو لتعمد. في حين هذا القول يقرر أمرا واقعا تألمت من جرائه. ذلك أن بعض السيدات كن يسمعن عليها الثناء الذي لم تربحه بالتظاهر والتهويش بل بالكفاءة والكرامة. فيثور منهن الحسد فيعمدن إلى تشويه الحقائق. والتحريف والتعريض. يشعرن بالقصور عن مجاراتها فيستسلمن لتعذيبها وإلحاق الأذى بها على مختلف الأساليب انتقاما لنفوسهن من تفوقها. فشعرت بهذا وتألمت. لذلك قالت: «ما ضرني أدبي ... إلخ.»
هذه خلاصة كلام الأستاذ وهو من الصحة بحيث تجد له طائفة من الأدلة في شعر عائشة كقولها:
وكم حليفة سعد إذ تعنفني
تقول سعيك مذموم النهايات
فأخفض الطرف من حزن أكابده
وأهمل الدمع من تلك المقالات
واها لتلك الدموع! تنصب في القلب عند كلام الحاسد والمتطاول ، وتدفع إلى التشاؤم في نبالة الفطرة البشرية، ثم تنهمر في الخلوة لاذعة محرقة. على أن عائشة عذبة بطبيعتها فهي لا تثور سريعا. بل تتجلد هنا وفي معاكسات أخرى وتكافئ الشر خيرا حتى نفاد الصبر:
Página desconocida