La familia Robinson suiza
عائلة روبنسون السويسرية
Géneros
1 - حطام سفينة!
2 - عالم جديد
3 - هجوم!
4 - منزل في الأعالي
5 - وجبة غريبة
6 - قاطرة إلى الشاطئ
7 - يوم رياضي
8 - انفجار!
9 - عائلة متنامية
10 - شجرة ذات سلالم
Página desconocida
11 - الكهف الدافئ
12 - غراء!
13 - الشتاء الطويل
14 - فراق صديق
15 - الخطر الأعظم
16 - كيف تمتطي نعامة؟
17 - قارب جديد
18 - بريد الجزيرة
19 - لسنا وحدنا
20 - ساكن جديد على الجزيرة
Página desconocida
21 - ترحيب ووداع
1 - حطام سفينة!
2 - عالم جديد
3 - هجوم!
4 - منزل في الأعالي
5 - وجبة غريبة
6 - قاطرة إلى الشاطئ
7 - يوم رياضي
8 - انفجار!
9 - عائلة متنامية
Página desconocida
10 - شجرة ذات سلالم
11 - الكهف الدافئ
12 - غراء!
13 - الشتاء الطويل
14 - فراق صديق
15 - الخطر الأعظم
16 - كيف تمتطي نعامة؟
17 - قارب جديد
18 - بريد الجزيرة
19 - لسنا وحدنا
Página desconocida
20 - ساكن جديد على الجزيرة
21 - ترحيب ووداع
عائلة روبنسون السويسرية
عائلة روبنسون السويسرية
تأليف
يوهان ديفيد فيس
ترجمة
فايقه جرجس حنا
الفصل الأول
حطام سفينة!
Página desconocida
تقلبت سفينتنا طيلة أيام عديدة وسط العواصف الهوجاء، فكانت تتقاذفنا الأمواج وحدنا عن المسار تماما. انشق الصاري، وحدث تسرب في كل مكان، واندفع الماء إلى داخل المركب مرتفعا بسرعة. تلاشت كل آمال طاقم السفينة في النجاة. كانوا يخشون وقوع أسوأ الاحتمالات، وبدا أننا فقدنا كل شيء.
أخذت عائلتي إلى سطح السفينة، وركعنا نصلي خاشعين وسط الأمطار المنهمرة بغزارة. وإذ بأحد أفراد الطاقم يصرخ: «اليابسة! اليابسة!»
لقد استجيبت دعواتنا. لكن في تلك اللحظة حشرت سفينتنا بين صخرتين عملاقتين وبدأت تنهار إلى أجزاء فيما اندفعت المياه إليها من كل جانب.
صرخ القبطان: «أنزلوا القوارب! لقد هلكنا لا محالة!» بدأت سفينتنا تتصدع. هرعت إلى زوجتي وأولادي وصرخت: «ما زلنا في المياه واليابسة قريبة! ما زال بمقدورنا أن نصل إلى الشاطئ!»
لكن عندما التفت، وجدت أن أفراد طاقم السفينة قفزوا إلى جميع قوارب النجاة، فانفطر قلبي، كيف أخبر عائلتي بأن رفاقنا على السفينة تخلوا عنا؟
صرخت وسط المطر المنهمر: «أبنائي، إذا مكثنا على متن السفينة، يمكننا أن نسبح إلى الشاطئ بعد أن تهدأ العاصفة!» اطمأن أولادي لكن زوجتي رأت أنني ما زلت قلقا لأن السفينة المحطمة كانت تتأرجح وتتقلب بين الأمواج.
صرخت: «يجب أن نعثر على طعام فلا بد أن نتقوى لنجابه ما ينتظرنا.»
بينما غشي الليل، ظلت الأمواج والأمطار تضرب سفينتنا أكثر فأكثر، غير أننا تمكنا من البقاء في مقصورتنا فوق الماء.
فتشنا ما تبقى من السفينة في هلع بحثا عن طعام كي نجمع وجبة للعائلة.
في تلك اللحظة قال فريتز، ابني الأكبر: «أبي، لماذا لا نبحث عن أشياء نصنع منها سترات نجاة أو أحزمة طفو، وعندئذ يمكننا أن نسبح كلنا إلى الشاطئ؟»
Página desconocida
كانت فكرة رائعة. عثرنا على زجاجات وعبوات فارغة ربطناها بعضها ببعض لصنع سترات نجاة بدائية، ثم ارتديناها لعلنا ننجو إذا انجرفنا من فوق السفينة. وما كانت هذه السترات لتصلح للسباحة وقتا طويلا، لكنها قد تنجينا لحظة أو لحظتين إضافيتين. عثرنا أيضا على أعواد ثقاب، وسكاكين، وحبل، وغيرها من الأشياء المفيدة كي نحملها تحسبا لأن نحتاجها. استطاع فريتز وإيرنست وجاك وفرانز أن يخلدوا إلى النوم الآن على ظهر السفينة المحطمة، فيما سهرت أنا وزوجتي طوال الليل نراقب العاصفة.
أخيرا عندما طلع النهار رأينا أن السماء بدأت تصفو وأيقظنا الصبيان الذين اندهشوا لدى علمهم بأن رفقاء السفينة هجرونا في قوارب النجاة، لكننا هدأنا من روعهم.
بكى الأولاد: «لكن يا أبانا! ما الذي حدث للجميع؟ هل رحل جميع البحارة؟ لماذا تركونا؟»
قاطعهم فريتز: «لا بد أن نسبح إلى الشاطئ الآن.»
قال إيرنست: «أظن أنه يجدر بنا أن نصنع طوفا ونستخدمه للوصول إلى الشاطئ بأمان. قد لا تفي أحزمة الطفو بالغرض.»
أجبت: «دعونا نتفقد أولا بقية السفينة لنرى ما يمكننا العثور عليه. لنلتق هنا مرة أخرى ومعنا ما نراه مفيدا.»
ذهب فرانز، أصغر أبنائي الذي كان في السابعة من العمر فحسب، باحثا عن صنارات، وذهبت زوجتي كي تطعم الحيوانات الموجودة على متن السفينة وتهدئ من روعها لأنها كلها كانت مذعورة. وانطلقت بقيتنا للعثور على ما تطاله أيدينا؛ ذهب فريتز للعثور على أسلحة، وبحثت أنا عن المياه العذبة، وذهب جاك إلى مقر القبطان.
فتح جاك الباب وفوجئ بكلبين مبتهجين يقفزان نحوه في فرح لأنهما وجدا من ينقذهما. أخذا يلعقان جسمه كله، فامتطى جاك أكبرهما بزهو إلى حيث كنت. اجتمعنا كلنا وتفقدنا كل ما عثرنا عليه.
عثر فريتز على بنادق، وبارود، ورصاص. وأتى إيرنست بمسامير، ومنشار، وفأس، ومطرقة، وامتلأت كل جيوبه بأدوات أخرى. أما فرانز الصغير فقد عرض في زهو صندوقا مليئا بعقاف الصنارات، التي أخبرته أنها أهم شيء. أخبرتنا زوجتي أنه يوجد على متن السفينة حمار وبقرتان، وعنزتان، وستة من الضأن، وكبش، وسرب من الدجاج، وديك، وخنزيران.
اقترح جاك العثور على بعض البراميل كي نطفو بداخلها إلى الشاطئ. ويمكن استخدامها لبناء طوف لنا جميعا. قطعت البراميل بالمنشار كل منها إلى نصفين فصار عددها ثمانية. ثبت أنصاف البراميل معا بألواح كبيرة، فصنعنا ما يشبه قاربا من الأحواض. وثبتنا بكرات صنعناها من الأعمدة المقطوعة تحت القارب، وتمكنا من صنع رافعة تنزل القارب إلى الماء. أوثقنا القارب بسفينتنا المحطمة ثم حملناه بكل أدواتنا، وطعامنا، ومياهنا، وكل شيء آخر وجدناه قد يكون نافعا. وعندئذ عثرنا على بعض المجاديف لنجدف بها إلى الشاطئ. وبعد قضاء يوم منشغل في إعداد الطوف، حل الظلام مرة أخرى فانتظرنا في توتر في الظلام راجين ألا تعصف بنا عاصفة أخرى. وعند الصباح استعددنا للتجديف إلى الشاطئ.
Página desconocida
قلت للصبيان: «تأكدوا قبل أن نرحل من أن تتركوا الكثير من العلف من أجل الحيوانات، وأريحوها قدر الإمكان، فلعلنا نستطيع أن نعود من أجلها خلال بضعة أيام.» وما إن هممنا بالرحيل، حتى صاح الديك، مما جعلنا نقرر أن نجمع كل الدجاج لنأخذه معنا.
تولى أكبر أبنائي، إيرنست وفريتز عملية التجديف. وعندئذ حان الوقت كي نشق طريقنا نحو الشاطئ. وبكل جسارة ائتمنا ذلك القارب الصغير على حياتنا.
الفصل الثاني
عالم جديد
سرعان ما انزلقنا في عرض البحر بعيدا عن الحطام. تطلعنا إلى اليابسة، غير أننا ظللنا نلف ونلف إلى أن تعلمت كيف أوجه القارب على نحو صحيح.
كنا قد تركنا الكلبين لأننا لم نستطع حملهما، لكن عندما أبحرنا، قفزا إلى المياه وجاءا وراءنا يعويان وينبحان. سبح الكلبان نحو القارب وسندا أقدامهما إليه إلى أن أصعدناهما على متنه مشفقين عليهما. وقد سعدنا كثيرا برؤية الوجه السعيد لكلبنا «تيرك» الذي كان ينبح على متن القارب.
جدفنا إلى أن اقتربنا من اليابسة، ووراء بعض المنحدرات الصخرية رأينا بقعة خضراء عشبية بين أشجار النخيل.
قلت: «ليتني فكرت في إحضار التليسكوب.» وفي نفس اللحظة كان جاك يخرجه من جيبه ضاحكا غامزا بعينيه. استطعت أن أرى من خلال التليسكوب أنه يوجد شاطئ مسطح نستطيع أن نرسو عليه. وما إن وصلنا الشاطئ، حتى قفز الجميع من القارب فيما عدا فرانز الذي كان موضوعا في برميل ضيق للغاية حتى اضطرت والدته إلى أن تشده.
ركض الكلبان أمامنا، فبدأت طيور البشروش والبطريق وغيرها من الطيور الأخرى الموجودة على الشاطئ تصيح عند اقترابنا.
أفرغنا حمولة قاربنا في عجالة، ثم أطلقنا سراح الدجاج والديك كي يجولوا. بحثنا جميعنا بدأب عن مكان نبيت فيه. وما لبثنا أن عثرنا على شجرتين ساقطتين فثبتناهما وصنعنا منهما هيكلا. ثم علقنا قماش الشراع الذي كنا أخذناه معنا في القارب حول الشجرتين، وثبتناه بمشابك، وصنعنا لأنفسنا نوعا من أنواع الخيام، لها مدخل نستطيع أن نغلقه علينا.
Página desconocida
بعدئذ أرسلنا الصبيان بحثا عن طحالب الأشنة والعشب كي نبسطها ونصنع منها أسرة، في حين أضرمت النيران بالقرب من أحد الأنهار الذي كان يجري قريبا من الخيمة. استخدمت في إشعالها الغصينات والطحالب البحرية الجافة، وملأنا وعاء بالماء والطعام اللذين أحضرناهما من السفينة، ثم بدأنا في طهي حساء من أجل العشاء. حشا فريتز البنادق وترك بندقية معي فيما خرج ليستطلع الساحل الذي وراء النهر، وذهب إيرنست وجاك للبحث عن المحار في المياه الضحلة بطول الشاطئ.
بينما كنت منهمكا في العمل تنامت صرخة جاك إلى مسامعي، فهرعت إليه وبيدي فأس. وجدت أن كركندا ضخما أحكم قبضته حول رجله. ومهما رفس جاك رجله فلن يستطيع التخلص منه. نزعته عنه ثم ضربه جاك بحجر.
قلت له: «لا تضرب بغضب هكذا أبدا يا جاك.» وسعدت مع ذلك لأننا عثرنا على شيء آخر لنأكله.
رد جاك: «عندما نطهيه أريد مخلبا لي وحدي.»
قال إيرنست الذي جاء ركضا كي يرى سبب الجلبة: «لقد عثرت على محار لكنني لم أشأ أن أبلل ملابسي في اصطياده.»
عبست في وجهه وقلت: «إيرنست، اذهب وأحضر لنا بعضا من هذا المحار من أجل الوجبة التالية، وحذار أن أسمعك تشكو مرة أخرى من خوفك من أن تتبلل قدماك. لا بد أن نعمل جميعا الآن كي ننجو بحياتنا.»
أضاف إيرنست محاولا أن يكون متعاونا: «لقد عثرت أيضا على بعض الملح في الصخور التي جفت من البحر.»
أجبت: «أحسنت. اذهب وأحضر لنا بعضا منه. سيكون هذا رائعا.»
استخدم إيرنست حجرا صغيرا كي يحك بعض الملح من شقوق الصخور وعاد حاملا إياه في يده، غير مبال ببلل قدميه. وعندما غلى الحساء، أدركنا فجأة أنه ليس لدينا ملاعق كي نأكل بها.
اقترح إيرنست: «يمكننا أن نستخدم المحار ملاعق.»
Página desconocida
قلت: «فكرة رائعة يا بني! قد إخوتك إلى المحار ونظفوا بعضا منها.»
نزلوا إلى الماء وعاد إيرنست وجاك بكومة مرصوصة بعناية من المحار. بعدئذ عاد فريتز من صيده ويداه وراء ظهره.
قال فريتز عابسا: «لم أحصل على أي شيء.» لكن إخوته كانوا قد نظروا وراء ظهره فكانوا يشيرون ويهللون. وكما كان متوقعا، كشف فريتز عن خنزير صغير كان قد اقتنصه وخبأه وراء ظهره.
أخبرنا عما اكتشف على الجانب الآخر من النهر؛ أراضي غاية في الجمال، وشاطئ منحدر وحقل.
قال فريتز: «والأروع من كل هذا أن المكان مليء بكل أنواع الأشياء التي يمكن أن نستعين بها، تلك التي انجرفت مع التيار من حطام السفينة. يتعين علينا أن نذهب غدا كي نحضرها. يجدر بنا أيضا أن نعود إلى السفينة ونحضر الحيوانات، فمن الممكن أن ترعى في الجانب الآخر من النهر.»
سألته: «هل رأيت أيا من رفاقنا في السفينة؟»
أجابني: «كلا، لكن ليتك رأيت الطريقة الغريبة التي كان يتصرف بها هذا الخنزير! كان هناك الكثير منه وهم يقفزون ولا يمشون.»
في تلك الأثناء، كان إيرنست ينظر إلى الخنزير عن كثب.
قال إيرنست: «هذا ليس خنزيرا، إنه أغواطي. لقد درست معلومات عنه في المدرسة. انظر، إن لديه أسنانا مثل السنجاب.»
سخر فريتز: «ياللعجب! أتحاول أن تثبت أن خنزيري ليس خنزيرا؟»
Página desconocida
قلت وأنا أتفرس فيه: «إنه على حق. هذا أغواطي، أحد القوارض الضخمة. لقد سمعت عنه من قبل.»
ونحن نتحدث، كان جاك يلتهم المحار المفتوح، ثم أعطانا إياه. أكلنا منه جميعنا ثم بقيت لنا الصدفات لنستخدمها كملاعق.
وبينما كنا نتناول طعامنا، رأينا الكلبين يحيطان بالأغواطي وعلى وشك الانقضاض عليه. هب فريتز في غضب وضرب أحد الكلبين بقسوة، ثم ألقاهما بالحجارة. فركضت وراءه بسرعة ووبخته.
قلت: «فريتز، لا بد أن تضبط أعصابك، لقد أرعبت الكلبين، ونحن في حاجة إلى مساعدتهما. عليك أن تكون أهدأ.»
ندم فريتز على ما بدر منه وتأسف. والآن، أخذ الظلام يحل وحان وقت الراحة. استكانت جميع الطيور التي أحضرناها حول الصخور. وأوينا جميعنا إلى الداخل بعدما صلينا. واندهش الأولاد من كيفية حلول الظلام فجأة في منطقة قريبة جدا من خط الاستواء. ففي لمح البصر صرنا وحدنا في ظلام دامس، لم يتخلله سوى ضوء نيران التخييم التي أشعلناها. لم تكن هذه الليلة تماما كالليلة الأولى التي تخيلناها عندما عزمنا على أن نكون مزارعين في أرض جديدة، كجزء من مستوطنة تقوم في عالم جديد، لكنها ليلة لن ننساها أبدا في وطننا الجديد.
الفصل الثالث
هجوم!
كان الليل باردا، لكننا تمكنا من تحمله بداخل خيمتنا. وعندما استيقظنا، نوينا أنا وفريتز أن ننطلق كي نستكشف الأرض ونرى هل بمقدورنا العثور على ناجين آخرين. عندما أخبرنا الأولاد أننا خارجون في رحلة استكشافية، ثار حماسهم لكنهم شعروا بالإحباط لدى علمهم أنهم غير مدعوين إلى هذه الرحلة.
شرحت لهم: «هذه الرحلة غاية في الخطورة إلى أن نعرف المزيد عن المكان الذي نحن فيه.»
قال جاك: «لا أعلم لماذا نبحث عن أولئك الأشخاص على أي حال. لقد تخلوا عنا. لماذا نحاول العثور عليهم وإنقاذهم؟»
Página desconocida
أجبته: «ليس معنى أنهم أساءوا إلينا أن نعاملهم بالمثل. لعلهم يموتون جوعا في حين أننا لسنا جوعى. علاوة على أنهم قد يساعدوننا في بناء منزل.»
شرعنا أنا وفريتز في رحلة البحث. وبينما كنا نسير في طريقنا، رأينا أشجارا غريبة تتدلى منها ثمار منتفخة أدركت أنها أشجار يقطين. قلت لفريتز: «هذه الثمار تسمى يقطين وهي مثالية لصنع السلطانيات والملاعق، يمكنك حتى أن تطهو فيها عن طريق وضع الأحجار الساخنة مع أي شيء بداخلها إلى أن يغلي.»
كان هذا شيئا بسيطا تذكرته من رحلات كولومبوس التي قرأتها مرارا وتكرارا، لكنه كان شيئا مذهلا لفريتز.
بذلنا مجهودا لبعض الوقت، لكننا تمكنا أخيرا من قطف بعض ثمرات اليقطين من الأشجار وملأناها بالرمال كي نجففها، وتركنا علامة عند تلك البقعة قبل أن نمضي قدما في طريقنا. حين سرنا قطعت أعشابا طويلة بدت كالقصب، فلاحظت أن هناك عصارة خرجت منها، فتذوقتها فأدركت أن هذا قصب. وثب فريتز فرحا عندما سمع هذا وقطع منه قدر ما استطاع أن يحمل. لكن سرعان ما تحول فرحنا إلى خوف؛ فعندما تركنا إحدى البقاع الخالية من الأشجار، وجدنا أمامنا مجموعة من القردة. رفع فريتز بندقيته كي يطلق النيران عليها، لكنني منعته.
قلت له: «راقب هذا.» عندما اندفع القردة إلى الأشجار، ألقيت نحوها حفنة من الأحجار، فاستجابت القردة بهز الشجر كي تسقط علينا جوز الهند.
ثم شرحت له الأمر: «قرد حي على شجرة خير من عشرة قردة أموات على الأرض.» وبعدها كسرنا ثمرتين من جوز الهند، وشربنا وأكلنا ما بداخلهما فتركناهما جافتين. واصلنا سيرنا، ونحن نمص القصب، وتحدث فريتز عن مدى لهفته لأن يطلع إخوته على اكتشافاته الجديدة.
ونحن عائدون أدراجنا إلى المخيم، إذ بكلبنا تيرك يظهر في البقعة الخالية من الأشجار وينقض على مجموعة أخرى من القردة قبل أن تولي الأدبار.
هرعنا نحوهم، لكن قبل أن نستطيع الوصول إليهم، كان الكلب قد قتل القردة الأم. هرع فريتز نحو الكلب وشده، فيما قفز قرد رضيع على ذراعيه ثم إلى رأسه كي يتحاشى الكلب. وعلى الرغم من أن فريتز هز رأسه بعنف كي ينفض القرد عنه، فقد تمسك القرد به بشدة. ركض تيرك حولنا ينبح في هياج شديد. وأخيرا تمكنت من أن ألاطف القرد الرضيع وأنزله إلى ذراع فريتز عندما أعطيته قطعة من البسكويت. لم يتجاوز القرد الصغير في حجمه الهرة الصغيرة.
قال فريتز: «أبي، دعنا نحتفظ به ونربيه. هذا أقل ما يمكننا فعله.»
أجبت: «إذا فعلنا هذا، فستضطر أن تتولى أنت مسئوليته، ستكون والده الآن.»
Página desconocida
وافق فريتز، وهكذا تركنا المشهد الحزين وراءنا، وصديقنا الجديد يقف على كتف فريتز. كان القرد الصغير خائفا من تيرك، وما كان لينزل عن كتف فريتز مهما كان السبب. أخيرا خطرت فكرة لفريتز.
ربط فريتز حبلا حول رقبة تيرك، ثم ربط القرد إلى ظهر تيرك كراكب. فراقت هذه الحركة للحيوانين للغاية، وسرعان ما اعتاداها. لقد بدت فكرة مناسبة بطريقة أو بأخرى بعد الفعل الذي اقترفه تيرك.
سرعان ما عدنا أدراجنا إلى المخيم، والتقينا الكلب الآخر الذي سميناه جانو، والذي أخذ ينبح فينا وفي القرد الصغير. هرع الصبيان في حماس لرؤية القرد واللعب معه، وقد ابتهجوا للغاية بجوز الهند واليقطين والقصب. غير أن زوجتي حزنت لأننا لم نعثر على ناجين آخرين.
بدأ فريتز يعلم الأولاد كيف يمصون القصب وكيف يشربون اللبن من ثمر جوز الهند، وسعدت زوجتي برؤية أوعية اليقطين، والتقينا جميعنا لتناول وجبة من طائر اصطاده إيرنست.
قال إيرنست: «أظنه بطريقا!»
أكلنا الطائر ثم حلينا بجوز الهند الذي تشاركناه مع قردنا. وبعد ذلك ذهبنا كلنا لننام.
في منتصف الليل استيقظنا على صوت هرير وجلبة ترتعد لها الفرائص. نهضنا جميعا لنجد أننا وقعنا فريسة! لقد هجم على مخيمنا بأكمله سرب من كلاب ابن آوى الضارية. هجم كلبانا على أكثرهما ضراوة، وأطلقت أنا وفريتز النار على السرب إلى أن تفرقوا. وعليه قضينا ليلة طويلة بلا نوم، وفي الصباح قررنا أن نحصن أنفسنا كما ينبغي، فالنوم في خيمة بدائية غاية في الخطر.
قررنا أنا وفريتز أن ننطلق إلى السفينة قبل أي شيء آخر وننقذ ما يمكن إنقاذه من الحيوانات. وطلبت من زوجتي أن تضع راية يتسنى لنا أن نراها حتى نطمئن أنهم جميعا بخير ونحن بعيدون. أما إذا نكست الراية، فعندئذ سنعلم أنها في خطر ونعود أدراجنا في التو، خلا ذلك سنعود في اليوم التالي.
صعدنا أنا وفريتز إلى القارب وبلغنا السفينة لنجد أن جزءا كبيرا منها لا يزال عائما فوق الماء على الرغم من أنها تحطمت على الصخور، وكان أغلبها ظاهرا لنا.
ما إن صعدنا على متنها، حتى صنعنا شراعا صغيرا لقاربنا من شراع السفينة الممزق كي يساعدنا في الرجوع إلى الشاطئ. رأينا الراية ترفرف فعلمنا أن كل شيء على ما يرام، لذا التفتنا حولنا فوجدنا دقيقا، ولحم خنزير مدخنا، وخضراوات، وأشياء أخرى مثل سيوف، وسكاكين، وشوكات. استغرقنا اليوم كله في تفتيش السفينة بأكملها. وعندما هبط الليل، أضرمنا النيران داخل وعاء معدني كبير على سطح السفينة المنحدر واستلقينا طيلة الليل تحت النجوم.
Página desconocida
في الصباح التالي خطرت فكرة لفريتز فقال: «لنصنع أحزمة طفو من أجل جميع الحيوانات ونجعلهم يسبحون!» حاولنا مع أحد الخرفان، وبعد أن غاص في بادئ الأمر، عاد إلى السطح وسبح إلى الشاطئ، ففعلنا هذا مع كل الحيوانات حتى مع البقرتين اللتين اضطررنا أن نطوقهما ببراميل ضخمة كي نبقيهما على سطح الماء. جلسنا على سطح المركب نراقب الحيوانات السابحة ونتناول غداءنا عندما صرخ فريتز على حين غرة رافعا بندقيته؛ إذ رأينا قرشا عملاقا يتجه نحو أول خروف. صوب فريتز بعناية وأطلق عليه النار، فابتعد القرش. فنجت حيواناتنا هذه المرة.
أبحرنا وجدفنا بقاربنا المحمل عائدين إلى الشاطئ، فوصلنا في نفس الوقت الذي وصلت فيه حيواناتنا. فككنا أدوات الطفو وسقنا الحيوانات إلى مخيم العائلة. أخبرنا العائلة عن مغامرتنا وأخبرونا عن مغامراتهم؛ عثر إيرنست على بيض سلاحف من أجل العشاء إلى جانب لحم الخنزير المدخن، وأرتنا زوجتي الطاولة التي صنعتها من برميل الزبد كي نتناول طعامنا عليها. كان عشاء رائعا بحق بعد يوم محفوف بالمخاطر.
الفصل الرابع
منزل في الأعالي
أخبرتنا زوجتي أثناء العشاء ما وقع أثناء غيابنا أنا وفريتز.
قالت زوجتي: «قررنا أن نجد في العمل مثلك إذا كان من المفترض أن نعيش هنا، واتفقنا على أن نذهب جميعنا في رحلة؛ فخرجت في معية جاك وفرانز وإيرنست، وأخذنا معنا مياها، وفأسا، وبنادق. تبعنا تيرك الذي قادنا في الطريق التي سلكتموها قبلا.»
ابتسمت وهي تحكي عن مغامراتها بصحبة بقية الصبيان ونحن في البحر.
قالت: «أدهشتنا الطيور المذهلة في كل مكان، وعثرنا على بعض الأشجار العملاقة، التي أوحت لي بفكرة عندما نظرت إليها؛ ماذا لو بنينا منزلا فوق هذه الأشجار العملاقة؟ لقد بدت مثالية. وبعدئذ اتجهنا إلى الشاطئ وبحثنا عن أي شيء متبق من الحطام. وفيما التفتنا وجدنا الكلبين يأكلان شيئا من بين الصخور ...»
صاح جاك: «سرطان البحر!»
ردت زوجتي: «أجل، وقادتنا الكلاب أيضا إلى بيض السلاحف الذي نتناوله الآن.»
Página desconocida
قلت: «حسنا. لا بد أن تريني قصر الأشجار الذي عثرت عليه، وعندئذ نقرر هل نستطيع أن نعيش هناك مثل الطيور!»
ردت: «لعله يصلح فحسب. ولسوف ينقذنا من كلاب ابن آوى. إذا تمكنا من بناء سلالم وأرضية جيدة، فسنكون في أمان ليلا.»
قلت: «رائع، لنتفقده غدا ونرى إن كان سيصلح.» وبعدئذ أوينا كلنا إلى الفراش ونمنا نوما عميقا.
استيقظت أنا وزوجتي في الصباح التالي وناقشنا خطتنا. اتفقنا على أنه إذا كان بمقدورنا بناء جسر عبر النهر والعثور على مكان آمن بأعلى بعيدا عند الصخور من أجل تخزين الأشياء الخطيرة مثل البارود بعيدا عن منزلنا، فقد ينجح الأمر.
أيقظنا الأطفال وشرعنا في بناء جسرنا. أبحرنا أنا وإيرنست وفريتز مرة أخرى إلى حطام سفينتنا لنأخذ منها الألواح الخشبية. وبعد قليل رأينا بعض الطيور تأكل سمكة عملاقة على إحدى الجزر فاقتربنا لنشاهد عن كثب.
ما إن اقتربنا، حتى صاح إيرنست قائلا: «فريتز، إنها سمكة القرش التي أطلقت عليها النار. لابد وأنك أصبت رأسها!»
أجل كان القرش بالفعل؛ ونحن نقترب رأينا كم كان القرش وحشا بحق له أسنان لامعة مخيفة. هبطنا على الجزيرة وقطعنا زعنفة السمكة غنيمة لنا، ووجدنا أن الجزيرة مليئة بالألواح والعوارض الخشبية من حطام السفينة، فكانت هذه الألواح مثالية للجسر الذي نبتغي تشييده بالقرب من شاطئنا. حملنا هذه الأخشاب على قاربنا وعدنا أدراجنا .
عندما بلغنا شاطئنا، التقانا الأولاد وزوجتي الذين أرونا صررا من جراد البحر الذي عثر عليه جاك وفرانز. ونحن نطهو جراد البحر، بدأنا نخطط لبناء جسرنا.
صنعت زوجتي حقيبة من أجل الحمار كي يحمل المعدات عبر النهر، وصنعت أنا بكرة تتدلى من الشجرة كي ننزل العوارض الخشبية من ضفة إلى أخرى. وما لبثنا أن أنزلنا جميع العوارض الخشبية اللازمة لتشييد جسر مسطح. ورقص الصبيان في النهر في جذل. وبانتهائنا من العمل، كنا منهكين للغاية وخلدنا إلى النوم ونحن سعداء بالإنجاز الذي حققناه.
في الصباح التالي قلت للجميع: «مع أننا سننتقل إلى العيش فوق الأشجار، فإننا لسنا في مأمن ولا نزال بحاجة إلى توخي الحذر. فمن عساه يعلم أي خطر كامن لنا؟»
Página desconocida
بعد هذا التحذير، بدأنا ننقل كل ما نقتنيه في الحياة إلى موقع منزلنا الجديد. ركض الأطفال يجمعون الدجاج، والبط، والإوز، وامتطى فرانز الحمار عبر الجسر. ساعد بقية الصبيان في اقتياد الحيوانات عبر النهر، وما لبثنا أن صرنا جميعا على الضفة الأخرى من النهر. وعندما وصلنا منزلنا المستقبلي، وجدنا أنه سيكون مكانا رائعا للعيش فيه.
لم يتوان أي من الصبيان عن المساعدة؛ عثر إيرنست على أحجار من أجل بناء مدفأة، فيما اكتشف فرانز أن الأشجار التي سنبني عليها منزلنا مليئة بالتين البري، فأخذ يطعم منه القرد الصغير الذي أطلق عليه الصبيان اسم «نيبس». اصطدنا أيضا بعض الطيور وتمكنا أيضا من الإمساك بطائر البشروش الذي قررنا أن نحتفظ به ونضمه إلى بقية طيورنا.
عندئذ تفقدنا الأشجار لنختار واحدة نراها الأفضل. وانطلقنا للعثور على خيزران لبناء منصات؛ لأن الخيزران قوي وسيصمد جيدا في الأمطار. بعد أن بحثنا في المنطقة المجاورة، كنا محظوظين للغاية لأن نعثر على وفرة منه. قررنا أن نعيش على ارتفاع ثلاثين قدما فوق الشجرة. لذا بنيت سلما كي نصعد إلى أول منصة لنا.
ما إن انتهينا من صنع السلم، حتى نقلنا كل ما استطعنا نقله، وشرعنا في صنع أرجوحات شبكية مؤقتة حول أفرع الأشجار لننام فيها الليلة التالية. كنا منهكين للغاية من كل الأعمال التي نزاولها، لذا تناولنا العشاء وخلدنا إلى النوم بجانب النيران عند أعتاب منزلنا الجديد.
في الصباح التالي، بدأنا نجهز منزلنا من خلال قطع الأغصان التي تعترض الطريق، وبناء المنصات، وصنع الجدران من الألواح الخشبية والأشرعة. وسرعان ما أصبح لدينا مكان خاص بنا، وتناولنا وجبتنا الأولى وسط الأشجار تغمرنا السعادة والضحك بسبب القرد نيبس. وعندما سحبنا سلمنا لأعلى في هذه الليلة، شعرنا بالأمان والاطمئنان. كنا معا في منزلنا الجديد في الأعالي بين فروع الأشجار.
الفصل الخامس
وجبة غريبة
في الصباح التالي استيقظنا وقفز الأولاد في لهفة إلى مغامرة جديدة.
سأل الأولاد: «ماذا سنفعل الآن يا أبانا؟»
أجبتهم: «سنرتاح؛ إنه يوم الأحد.»
Página desconocida
بعدها قررنا جميعنا أن نحظى بيوم من المتعة والاستجمام. بعد الإفطار صنعت أقواسا وأسهما من أجل الصبيان، بل صنعت أيضا مجموعة صغيرة من أجل فرانز. ما لبث الأولاد أن تعلموا كيفية استخدامها. وما إن انتهوا من التدريب عليها حتى تنامت إلى مسامعي أصوات طائرين يسقطان من الأغصان على يد إيرنست. فغمرته الفرحة لأنه أتى لنا بعشائنا.
قال إيرنست: «حسنا، بعد أن أصبح الجسر جاهزا للاستخدام، يبدو المكان وطنا لنا، أليس كذلك؟»
أجاب جاك: «أجل، لكن ماذا سنطلق على كل هذه البقاع؟»
اقترح فريتز: «يجب أن نسميها بأنفسنا، كي تصبح ملكنا.»
اقترح فريتز أن يطلق على البقعة التي رسونا بها «خليج الأمان». راق الاسم لنا جميعا، وواصلنا لعبنا.
بعدها، قررنا أن نسمي البقعة التي أقمنا عندها مخيمنا الأول «أرض الخيمة»، وأطلقنا على جزيرتنا «جزيرة القرش»، وعلى المستنقع «مستنقع البشروش». واتفقنا على أن نسمي الشجرة التي أصبحت منزلنا الجديد «غابة الصقور»، والجزيرة التي نعيش عليها «سويسرا الجديدة».
في اليوم التالي اقترحت أن نتجه إلى أرض الخيمة، على أن نسلك دربا مختلفا كي نكتشف المزيد. سرنا جميعا في صف بعضنا وراء بعض. بدا منظرنا لطيفا بصحبة القرد ممتطيا الكلب. وفجأة، إذ بإيرنست يصرخ فرحا، فهرعنا جميعنا إليه.
صرخ إيرنست: «انظر، بطاطس! وفرة من البطاطس!»
وسرعان ما اكتشفنا حقلا بأكمله من البطاطس، الأمر الذي طمأننا إلى أننا لن نتضور جوعا أبدا. انحنينا كلنا كي نقطف اكتشافنا الجديد. وقلدنا قردنا الظريف. وبعدما حملنا من البطاطس قدر طاقتنا، واصلنا السير في طريقنا الجديد. واكتشفنا أثناء سيرنا الكثير والكثير من الأشياء: نخيل، وورود، وصبار، وياسمين، وفانيليا، وبازلاء، وأناناس، جميعها ملقاة في طريقنا. وسعدت بالتعرف على بعض نباتات الكاراتا التي كانت مثالية لصنع الأحبال والخيوط. وأيضا أريت زوجتي وأولادي كيف يستخدمون نواة النبات لإضرام النيران عن طريق ضربها بحجر. وكما هو متوقع، أصدرت شرارا، وشعروا بالإثارة والمتعة لأنهم تعلموا طريقة عملها.
حاول جاك أن يلتقط بعض ثمار التين الشوكي، لكنه وجد أن الشوك يتطلب عناية شديدة، لكنه تمكن أخيرا من ثقب واحدة باستخدام عصا. فتحنا التين الشوكي لنحصل على الثمرة التي بداخله وأكلناه في سعادة كوجبة خفيفة. وما لبثوا أن بدءوا يطرحون علي أسئلة عن كل نبات نمر به إلى أن أخبرتهم أخيرا أن يتوقفوا.
Página desconocida
اعترفت قائلا: «يا أولادي، الحقيقة هي أنني لا أعرف بالفعل كل شيء عن كل هذه النباتات والحيوانات، لكن بمقدورنا أن نتعلم معا الكثير عن جزيرتنا.»
أخيرا وصلنا أرض الخيمة. بدأنا نجمع باقي أغراضنا المهمة، وشرعنا في الإمساك بالبط والإوز حيث استخدم إيرنست الجبن طعما للإمساك بها. وما إن عدنا إلى منزلنا الجديد فوق الشجرة حتى استمتعنا بتناول البطاطس والزبد ولبن البقرة. وبعد أن وضعنا في منزل غابة الصقور المخزون الكافي، أوينا إلى الفراش.
في اليوم التالي قررت أنا وإيرنست أن نذهب إلى الشاطئ للعثور على الخشب الذي يجرفه التيار؛ لنصنع منه مزلجة خشبية تكون نافعة في نقل المؤن ذهابا وإيابا بين المكانين.
أخذنا حمارنا، وحملنا الخشب على ظهره، وعدنا إلى المخيم من أجل صنع مزلجتنا. عندما وصلنا، كان بقية الصبيان يصطادون المزيد من الطيور. واقترحت زوجتي أن يصنع الأولاد شراكا من أجل صيد الطيور وليس قتلها. وشرحت زوجتي أننا قد نمكث هنا بعض الوقت؛ لذا يلزم أن نتأكد أننا نظمنا طعامنا من أجل المستقبل. انشغل الأطفال بهذه الفكرة ونحن نصنع مزلجتنا. الجميع كان مشغولا ومبتهجا.
حتى فرانز أصغر أبنائي، أراد أن يساعد أيضا، فاقترح أنه يجدر بنا أن نزرع بارودا في الأرض: «بذلك يمكننا أن نزرع شيئا أكثر فائدة من الخضراوات.» ضحك كل الأولاد على فرانز المسكين وأخذت أشرح له كيفية صناعة البارود.
وما إن انتهينا من صنع المزلجة، حتى انطلقنا عائدين إلى أرض الخيمة، وحالما وصلنا جمعنا بعض المؤن أيضا. وفي اللحظة التي كنا نهم فيها بالرحيل ومعنا كل ما استطعنا أن نرصه على المزلجة، لاحظنا اختفاء الحيوانات. بحث إيرنست عنها، في حين ذهبت أنا كي أقطع المزيد من القصب، لكن عندما عدت وجدت إيرنست غارقا في النوم.
قلت له وأنا أوقظه: «إيرنست، إذا كانت الحيوانات قد شقت طريقها إلى الجانب الآخر من النهر من خلال عبور الجسر، فلربما فقدناها إلى الأبد وسنندم على هذا بشدة!»
قال إيرنست: «لكن يا أبي، لقد نزعت واحدة من العوارض الخشبية في الجسر، ولا تستطيع الحيوانات أن تعبر إلى أن نضعها مرة أخرى.» ضحكت على فكرته وندمت على تعنيفه. وفيما كنت أعيد وضع العارضة الخشبية وأتفقد المزلجة المحملة، قرر إيرنست أن يجرب الصيد في النهر باستخدام غصن شجرة باعتباره العصا، وخيط وأحد الخطاطيف التي عثر عليها فرانز في السفينة. وما لبث أن ناداني بصوت مرتفع بعدها مباشرة تقريبا، فهرعت إليه كي أرى أنه اصطاد سمكة عملاقة. وجدته مستلقيا على العشب يحاول أن يشدها من النهر، ولاحظت أنها سمكة سلمون يبلغ وزنها نحو خمسة عشر رطلا!
حضنته فرحا فيما رجعنا إلى المزلجة. كنت فخورا بولدي وارتحت لدى علمي بأن بمقدوره أن يتحمل الكثير من أعباء العائلة.
في طريق عودتنا إلى منزلنا أعلى الشجرة، إذا بنا نرى حيوانا عملاقا يقفز في الغابة! صوب إيرنست نحوه وأرداه قتيلا. وعندما ركضنا كي ننظر إلى الحيوان عن كثب، وجدناه كبيرا بحجم الخروف، له رأس كرأس الفأر، وذيل كذيل النمر، وأذن كأذن الأرنب. تفرسناه لوقت طويل، وظللنا مستغربين من منظره حتى صفقت بيدي فجأة.
Página desconocida
قلت: «لا بد أنه كنجارو! وأنت أول من يعثر على أحدها في سويسرا الجديدة!»
وبطريقة ما وضعنا غنيمتنا الجديدة على مزلجتنا التي كانت محملة فوق طاقتها بالفعل واتجهنا إلى منزل غابة الصقور كي نري الأولاد الآخرين ما عثرنا عليه. عدنا لنجدهم مرتدين ملابس عثروا عليها من حطام السفينة، فكان كل منهم يبدو كأنه قرصان صغير. بدا فريتز وحده منزعجا من أن أخاه الصغير إيرنست نعم بمثل هذا الحظ الوافر في الصيد. فانفردت به وأخبرته كم يهمني دوره في الاعتناء بالأسرة، لكنه جعلني أقطع له وعدا بأن أصحبه معي في المرة التالية.
في تلك الليلة نعمت الأسرة بأكملها والكلبان بوجبة شهية وغريبة ما كنت لأتخيل قط أن نتناولها في منزلنا القديم في سويسرا: بطاطس، وسلمون، وكنجارو.
الفصل السادس
قاطرة إلى الشاطئ
استيقظت في اليوم التالي وبدأت أصبغ جلد الكنجارو ظنا مني أنه قد ينفع. وعندما أخذت قسطا قصيرا من الراحة، بحثت عن إيرنست وجاك. ظنت زوجتي أنهما ربما اصطحبا تيرك ليؤنسهما وذهبا ليقتلعا المزيد من البطاطس أو إحضار مؤن أخرى. استبد بي القلق بشأن ذهابهما وحدهما، لكن لم يكن بوسعي فعل الكثير إزاء هذا. تركت زوجتي وفرانز الصغير، فيما اتجهت أنا وفريتز إلى قاربنا. وعندما كنا نعبر الجسر، إذ بإيرنست وجاك يندفعان من بين الأجمة ويفاجئاننا. انفجرنا جميعا في الضحك، وقد توسلا إلينا أن نصحبهما إلى السفينة. لكنني أرسلتهما بدلا من ذلك برسالة إلى والدتهما أخبرها فيها أنني سأقضي الليل في حطام السفينة لأنتهي من فعل المزيد من الأشياء، فذهبا عابسي الوجه ليخبرا والدتهما.
أخذنا قاربنا الصغير إلى البحر، وتحدثنا عن صنع قارب آخر لحمل الأغراض الثقيلة. وحالما صعدنا إلى متن السفينة المحطمة، عثرنا على الخشب الذي قد نحتاجه من أجل بناء المزيد، والبراميل والعوارض الخشبية من أجل صنع قارب أكبر، وبعض الصناديق الفارغة التي ستكون مثالية من أجل التخزين. وقبل نهاية النهار، صنعنا قاربنا الجديد وأطلقناه كسابقه. بعد كل هذا العمل الشاق، استبد بنا الجوع، فصنعنا وليمة عظيمة من مؤن السفينة ونمنا على الحشيات كالملوك.
في الصباح التالي، أخذنا كل الصناديق التي استطعنا حملها، وحملنا قاربنا الأكبر بالأثاثات وأطر النوافذ، والمزيد من المؤن اللازمة للطهي، وكذلك صندوقا ملئ بالذهب. اكتشفنا أيضا أن بعض أشجار الفاكهة الصغيرة لا تزال حية ففرحنا أننا سنتمكن من زرعها؛ أشجار تفاح، وكمثرى، وأبو فروة، وبرتقال، ولوز، وخوخ، وبرقوق، وكريز.
وضعنا أدوات، وطلاء، وعجلات، ومجارف، ومساحي، وأجولة قمح وبازلاء مجففة، وأجزاء طاحونة. بدا غير معقول أن نعثر على كل هذه الأشياء، لكننا فهمنا أن كل ذلك كان من المفترض أن يستخدم في بدء مستوطنة جديدة قبل أن تتحطم سفينتنا. وكان أعظم اكتشاف لنا هو الحشيات؛ إذ كنا على يقين من أن أفراد عائلتنا ستطير بها فرحا. لقد اعتبرنا أنفسنا محظوظين بحق!
تذكر فريتز القرش الذي قتله، فأحكم قبضته على الرمح الموجود بالسفينة متأهبا تحسبا لأي شيء. وعندئذ، بعد أن حملنا القاربين وصرنا على استعداد للانطلاق، سمعت فريتز يناديني من خلف الشراع. - «أبي! أبحر في هذا الاتجاه بسرعة!» فعلت كما قال، وإذ بي أشعر بشيء يجر القارب إلى الشاطئ، نظرت حول الشراع لأرى منظرا مدهشا.
Página desconocida
تمكن فريتز من أن يعلق رمحه في صدفة سلحفاة، وقد كانت تجرنا نحو الشاطئ بسرعة مذهلة. عندما وصلت السلحفاة، صعدت إلى الشاطئ ورسونا على نحو رائع. كانت السلحفاة في غاية التعب بعد جرنا، لذا كان من السهل أن نضعها في أحد براميلنا.
عندما رسونا، ركض أفراد أسرتنا نحونا ليروا كل الأغراض التي عدنا بها، بما فيها سلحفاتنا القوية. ركض الأولاد ليحضروا المزلجة حتى نستطيع أن ننقل ما نستطيع قبل حلول الظلام.
تمكنا من وضع السلحفاة على المزلجة، وبعد أن حملنا بعضا من أشجار الفاكهة، شققنا طريقنا إلى منزلنا متسامرين عن مغامراتنا.
قال إيرنست: «أود أن تلقي نظرة على بعض الجذور التي عثرت عليها. أظنها قد تكون نافعة.»
في الواقع، عثر إيرنست على أحد الجذور التي يمكن صنع الدقيق منها. من اللطيف أن نحصل على خبز للمرة الأولى منذ أن رسونا على الجزيرة.
عدنا جميعنا إلى المخيم ، وأفرغنا كنزنا الذي عثرنا عليه. أعطتنا زوجتي عصير القصب الذي أعدته لنا والذي كان حلو المذاق، وتناولنا جميعا البعض منه على العشاء. في تلك الليلة نعمنا بليلة دافئة، في بيتنا على قمة الشجرة، على أسرتنا الرائعة الجديدة.
استيقظت مبكرا على رؤية بيتنا السعيد، وبعد إمضاء بعض الوقت في العمل، عدت لأجد الجميع ما زالوا غارقين في النوم. وعندما استيقظوا، اندهشوا من تأخرهم في النوم. ضحكنا جميعا وألقينا باللوم على الحشيات الرائعة.
بعد تناول الإفطار، تأهبنا أنا وفريتز للعودة إلى الحطام مرة أخرى. في هذه المرة، بدا الحزن الشديد على جاك، فاصطحبناه معنا، وغمرته الفرحة لأنه سيشارك في الرحلة وساعدنا في تجميع عدد من الأشياء لنأخذها معنا. ولم تكن هناك أعباء على جاك مما أتاح له أن يستطلع الحطام. وكما هو متوقع، هل علينا باكتشاف عظيم: عربة يدوية صغيرة! شققنا طريقنا عائدين إلى الشاطئ كي نفاجأ بمنظر غريب: جماعة على الشاطئ بدت كرجال منحنين يرتدون سترات سوداء وسراويل بيضاء.
قال جاك: «لعلهم أقزام!»
ضحكت وقلت: «لا يا جاك، إنها طيور البطريق!»
Página desconocida