229

فلما صح لأبي مسلم خبره أعد مجلسا خاصا، وكان عاصم صاحب غزل وغناء وقيان. فأمر أبو مسلم بقينة كانت لنصر بن سيار وكان نصر سماها: إشعال، لأنها كانت إذا غنت أضرمت في القلب النار، وكانت هذه الجارية عند ابن الكرماني قبل نصر حين قتل ابن الكرماني، وصارت إلى أبي مسلم بعد، ثم لما قتل أبو مسلم صارت إلى أبي جعفر المنصور، وهي أم جعفر بن أبي جعفر: فأحضر أبو مسلم هذه الجارية، وأحضر عاصما.

فلما/ دخل عليه قال أبو مسلم لغلام له تركي على رأسه: تنح عني حتى لا أراك. فخرج، فقال أبو مسلم لعاصم: أبيت إلا كرما. قال: يا بن اللخناء! أردت أن أخبر أنك كنت لي خادما فتثب علي فتقتلني! فضحك أبو مسلم، فقال عاصم: أسألك بالله لو لم أقلب المعنى ما كنت فاعلا؟ قال أبو مسلم: الله يعلم أني كنت قدرت موضع خشبتك أين أصلبك؟! قال: فما هذا جزائي منك. قال: يا هذا ومن جازيته بجزائه؟ أتراني وضعت سيفي حتى لم يبق بر ولا فاجر. ثم قال للجارية: هات! فغنت بشعر كثير:

Página 264