قالت: «وكيف يطلبها هو لنفسه؟» قال: «لأنه لا يدري من الأمر شيئا.»
قالت: «ولماذا لم تطلعني على هذا من قبل؟»
قال: «كنت قد عزمت على ذلك وجئت بها إليك فلم أجدك.»
قالت: «وما العمل الآن؟» قال: «لا أدري، وسأصبر.» قال ذلك وحرق أسنانه.
قالت: «أتغضب أخاك الحسن من أجلها؟» قال: «معاذ الله! فأنت تعلمين حبي له، ولكنني سأرى ما يأتي به القدر.» ثم خرج وقد أخذ القلق منه مأخذا عظيما.
الفصل الحادي عشر
عبد الله بن عباس
مرت أيام والحسن يترقب فرصة يخاطب فيها أباه في شأن أسماء، فلم يتسن له ذلك لاشتغالهم جميعا في إيفاد العمال وتقلب الأحوال، فإن الإمام عليا لم يهدأ له بال منذ ولي الخلافة. وكان أكثر عمال الأمصار ناقمين عليه، ولعله لو أطاع المغيرة لخفف شيئا من نقمتهم، ولكنه أصر على أن يستبدل بهم عمالا من رجاله وموضع ثقته.
وكان الحسن متهيبا مفاتحة أبيه في أمر الخطبة لئلا يخيل إليه أنه اشتغل بالحب عن الخلافة، فبدا له أن ينتظر مجيء عبد الله بن عباس فيوسطه في الأمر لما يعلم من دالته على أبيه، وذكر ذلك لمحمد بن أبي بكر فلم يجبه ولكنه قلق واشتدت غيرته. فلما سمع محمد بمجيء عبد الله بن عباس أراد أن يشغله بحديث الخلافة عن السعي في الخطبة، فأسرع إليه قبل أن يعلم الحسن بمجيئه وأنبأه بما كان من حديث المغيرة بن شعبة وما أشار به على الإمام علي، إلى أن قال: «قد كنا في انتظار مجيئك لعلك تثني الإمام عن عزمه، فقد أصر على خلع عمال عثمان وهم ناقمون ولهم أنصار ومن بينهم معاوية.»
فقال عبد الله: «أصاب المغيرة والله! ونعم الرأي رأيه!»
Página desconocida