فرفعت أسماء رأسها وقالت: «تلعثم لساني بين يدي أم المؤمنين زوج الرسول.»
فابتدرتها عائشة قائلة: «ولكنك ستكونين من ذوات قربانا بإذن الله فلا تتهيبي. أهلا بك ومرحبا.»
فقالت العجوز وهي تريد أن تداعب أسماء: «لتعلم مولاتي أن أسماء بنت يزيد من بني أمية، قدمت المدينة من قبل منذ بضعة أشهر فقط، وكانت مقيمة بالشام فلا تعرف عادة أهل الحجاز.»
فقالت عائشة: «مهما يكن من أمرها فلن تلبث حتى تصير حجازية.» •••
وسكتت عائشة هنيهة وهي مقطبة الوجه، ثم استأنفت الحديث فقالت: «وهل جئتما في رفاق أم مع قافلة؟»
قالت: «جئنا مع عبيد بن أبي سلمة أحد أخوالك.»
فلما سمعت عائشة اسمه أجفلت وقالت: «وأين هو؟!» قالت: «آت عما قليل.»
فلم تصبر عائشة ونادت بعض من على بابها وأمرته أن يأتي به ، وأرخت النقاب ولبثت صامتة، وهما صامتتان هائبتان، حتى دخل عبيد وهم بتقبيل يد عائشة فمنعته، وقالت: «أهلا بالخال، قل ما وراءك، كيف فارقت المدينة؟»
قال: «فارقتها وقد قتل عثمان وبقي ثمانية.»
فلما سمعت ذلك قطبت حاجبيها وظهر الغضب على وجهها، فتفرست في عبيد والشر يكاد يتطاير من حدقتيها، وأسماء تراقبها من خلال النقاب وقد ذهلت لما بدا منها.
Página desconocida