فأثنت أسماء على معروفها ودعتها إلى الجلوس، فجلست نائلة على جانب السرير وهي ممسكة يد أسماء تنظر إلى رسم الصليب فيها ثم قالت: «لقد استغربت هذا الرسم على معصمك وعهدي بك مسلمة، فهل رسمته على سبيل الزينة؟»
قالت: «لا أعلم، ولا أذكر يوم وشمه لأني كنت طفلة، وقد سألت أمي عنه فلم تجبني.»
قالت: «وما هذه التميمة التي في عنقك؟»
فمدت أسماء يدها إلى التميمة فأخرجتها من بين ثوبها وقالت: «لا أدري من ألبسني هذه أيضا»، قالت نائلة: «ولكنها تميمة مسيحية.»
قالت: «لعلها كذلك، وقد لبستها طوعا لأمر أمي فقد أوصتني أن أحتفظ بها منذ طفولتي.»
فلم تعرف نائلة شيئا، وازدادت رغبتها في البحث فقالت: «ألا أخبرتني يا أسماء كيف وصلت إليك هذه التميمة، وكيف رسم على يدك هذا الصليب! أخبريني ولا تخافي فإن النصارى أهل ذمة عندنا، ثم إني ولدت في بيت مسيحي أنا أيضا وكان والدي نصرانيا، فأخبريني أمرك وأنا أعلم أن أباك يزيد مسلم أموي.»
فتذكرت أسماء أمها وكتمانها اسم أبيها الحقيقي فتنهدت وصمتت، فعجبت نائلة لسكوتها وتسترها وقالت لها: «ما بالك صامتة؟! بوحي لي بسرك ولا تخافي فإنك بمنزلة ابنتي عندي.»
قالت أسماء: «بماذا أبوح وأنا لا أعلم من هذا السر شيئا؟ وأعترف أني كنت منذ حداثتي أرى هذا الصليب وهذه التميمة ولا أعلم من أمرهما شيئا.»
قالت: «كيف يكون ذلك؟»
قالت أسماء: «هذا هو الواقع يا مولاتي، ولا أعلم من أمرهما و...» وصمتت.
Página desconocida