Mordedura de Perro: Colección de Relatos
عضة كلب: مجموعة قصصية
Géneros
في اليوم الموعود وصلت المطعم مبكرا عن موعدي، لم أرفع نظارة الشمس عن عيني، وفضلت أن أنزوي في ركن قصي من صالة المطعم، ورحت أترقب لحظة وصولها.
في موعدها تماما، ظهرت تدخل من الباب ترتدي فستان موعدنا الأبيض، وقبل أن أنهض للقائها سبقني شاب أنيق نهض من على مقعده في مقدمة صالة المطعم واتجه نحوها، ظلت واقفة تبادله الحديث وهي متجهمة بعض الشيء، بعد ثوان انفرجت أساريرها، ثم ضحكت ضحكة يشوبها المجون أثارت انتباه البعض. أمسك الشاب يدها واقتادها إلى حيث كان يجلس، ومكثا لدقائق يتبادلان الحديث والبسمات والهمسات، وفي سفور أخرج الشاب حافظة نقوده وناولها رزمة من أوراق النقد وضعتها سريعا في حقيبة يدها، وعلى الفور نهضا سويا وغادرا المكان.
ابتسمت وأنا أسترجع منظر صديقي عبد القادر وقد تقطعت أنفاسه من الضحك. (تمت)
وراء الحدود
كان عبد الرازق يجر رجليه جرا ويتعثر من حين لآخر وهو يدفع عربته الخشبية فوق الرمال، عيناه كانتا تتجهان نحو هدف لا يبصره الناظرون. هو وقليلون من أهل قريته النائية يعرفون طريقهم جيدا وسط هذه الصحراء الشاسعة، تقودهم فطرتهم الصافية، حيث لا علامة ولا إشارة ولا أثر يقتفى ولا خطوط فاصلة.
لم تصعد الشمس بعد إلى منتصف السماء، لكن أشعتها كانت حارقة تلسع جلد عبد الرازق وتخترق «الكاب» الذي يضعه على رأسه، فيرفعه بين الفينة والأخرى كي يفرغ ما اختزنه من نار. بدا الرجل وهو يدفع عربته الخشبية فوق الرمال كمن يزيح هما جاثما على صدره، لكن هم الجوع كان أشد وطأة، فواصل سيره يكتم شكواه ولا يسأل أحدا إلا خالقه.
من بعيد لاحت أطلال خربة، فجد الرجل في سعيه رغم إعيائه الشديد وأخذ يهرول بعربته في اتجاهها؛ عربات متفحمة وقد تهشم هيكلها، وأخرى أعطبتها قذيفة أو قذائف، وشباك تمويه، وفوارغ ذخائر، وخرق متناثرة لملابس عسكرية، ومئات من أكياس مليئة بالرمال مصفوفة فوق بعضها البعض وقد تبعثر عدد منها، وخنادق وحفر وتلال، وآثار دماء.
بنظرة سريعة مدربة أحصى عبد الرازق محتويات الموقع، مخزن الغنائم، واطمأن إلى حظه من الرزق، فاستلقى على الأرض في ظل عربة محطمة وغفا. أيقظه صوت باب سيارة يصفق، تلته أصوات مختلطة بعضها أقرب إلى الحفيف والأخرى أقرب إلى الهزيم، خافتة أحيانا وعالية أحيانا، أدرك أن الرياح اشتدت، فعاد إلى نومه.
في المرة الثانية سمع طرقا شديدا، فنهض فزعا، وأسرع نحو عربته متحفزا فأخرج مطرقته ورفعها عاليا، وخطا بخفة باحثا عن مصدر الطرق. كان حمد يفكك أجزاء إحدى العربات، وما إن رأى عبد الرازق حتى تهلل وجهه بشرا وأسرع يصافحه.
حمد: ظننت أنك سبقتني، وحملت ما يكفيك وعدت إلى بيتك.
Página desconocida