وخطر من داخلها، يدفع بها إلى الزوال أو إلى استكمال النقص المستشري في حياتها ...
مدينة واحدة تجتمع فيها ثروة الجزيرة، وعصبة واحدة من سادة القوم تجتمع في أيديها ثروة المدينة ...
حالة لا استقرار فيها ...
فمن هنا الترف، والطمع، والخمر، والقمار، والمتعة، وتسخير الأقوياء للضعفاء ...
ومن هنا الفاقة، والحسرة، والشك في صلاح الأمور ...
ولكنه شك يبحث ويضطرب، وليس بالشك الذي يستجم ويستكين فحيثما اجتمع أناس من أولي الرأي يذكرون العقيدة وطمأنينة الضمير، فهناك هاتف بينهم بسوء ما هم عليه. اجتمع أناس بنخلة لإحياء عيد العزى، فقال رجل منهم لإخوانه: «والله ما قومكم على شيء وإنهم لفي ضلال ... فما حجر نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع، ومن فوقه يجري دم النحور. يا قوم التمسوا لكم دينا غير هذا الدين الذي أنتم عليه» ... ثم تفرقوا، فمنهم من تنصر، ومنهم من اعتزل الأوثان، ومنهم من انتظر حتى سمع دعوة الإسلام فلباها ... وكان الذي تنصر وسمع دعوة الإسلام ورقة بن نوفل الذي كتب له أن يتلقى بشارة النبي العربي عند ظهوره، ويلقي إليه بالبشارة.
هؤلاء شكوا وبحثوا عن العقيدة وطمأنينة الضمير ...
وغيرهم شكوا وبحثوا عن وازع من الضمير، ووازع من السلطان، فاجتمعت بنو هاشم وزهرة وتيم يتعاهدون باسم الله المنتقم ليكونن مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه ... وذلك حلف الفضول الذي شهده النبي العربي في شبابه، وقال فيه: «ما أحب أن يكون لي بحلف حضرته في دار ابن جدعان حمر النعم.»
حالة لا تستقر، ولا تزال في طلب الاستقرار ...
وأمة يقظى! ...
Página desconocida