ينبغي أن يكون الأمر كذلك لو كان تعليل النصر بالعقيدة مغنيا عن كل تعليل ...
ولكن الواقع أن الذين انتصروا بالعقيدة كانوا رجالا أولي خبرة وقدرة يؤمنون بها ويعرفون كيف يتغلبون بها على أعدائها.
وقد أفلح أناس وأخفق آخرون.
فانهزم عكرمة بن أبي جهل وشرحبيل بن حسنة حيث انتصر خالد في اليمامة ...
وخرج خالد وعياض بن غنم لفتح العراق من طرفيه في وقت واحد، فسار خالد من نصر إلى نصر، ومن توفيق إلى توفيق ... ولبث عياض يتردد ويقدم خطوة ثم يحجم أخرى حتى أدركه خالد بالمعونة في دومة الجندل ...
وسبق خالد بن سعيد خالد بن الوليد إلى الشام، فغرر به الروم حتى استدرجوه إلى مرج الصفر، فأوغل وراءهم ولم ينتظر حتى تدركه أمداد الخليفة التي أرسلها إليه تباعا بقيادة عكرمة بن أبي جهل والوليد بن عقبة وذي الكلاع الحميري، فأحدقت به جحافل الروم وأوشكت أن تلتف به من ورائه، ولولا يقظة الخليفة وتلاحق أمداده في أوقاتها لقضوا عليه ...
فلا انحلال الدولتين الفارسية والرومانية بمغن عن الاعتراف للعقيدة المنشئة بحقها في الغلب وحاجة العالم إليها في تلك الآونة ...
ولا العقيدة المنشئة بمغنية عن فضل رجالها وحماتها، وكفاية سواسها وقادتها ...
فهي عقيدة منشئة يذود عنها حماة قادرون، وكان خالد بن الوليد في طليعة هؤلاء الحماة. •••
سبقه اسمه إلى أطراف الدولتين، فحارب أعداءه بهيبته قبل أن يحاربهم بسيفه، وكانت هذه أول مزية لاختياره، وأول فضل يحسب له في ميزانه ويضاف إلى قيادته، ويعمل عمله في نفوس أعدائه كما يعمل عمله في نفوس أتباعه ...
Página desconocida