يا أبا سفيان! قال: ما أصبنا شيئا فنجيزك! فمد يده إلى خاتم في يده فأخذه منه وبعثه إلى هند زوجه، وأمر الرسول أن يقول لها باسم زوجها: انظري الخرجين اللذين جئت بهما فابعثيهما، فما لبث أن عاد بخرجين فيهما عشرة آلاف درهم، فطرحهما عمر في بيت المال.
وكانت سنته إذا ثبتت على الوالي شبهة التصرف في بيت مال المسلمين أن يصادر المال الذي ظفر به، أو يقاسم الوالي فيما أربى
39
على كسبه المعقول، فيترك له النصف ويضم النصف إلى بيت المال، وهذا عدا ما يجزيه به من عزل أو عقاب.
أما حساب الشكايات من المظالم، فكانت سنته فيه التحقيق، ثم الجزاء على شرعة المساواة بين أكبر الولاة وأصغر الرعية، بغير تفرقة بين السيئة وجزائها، فمن ضرب ضرب، ومن غصب رد ما غصب، ومن اعتدى قوبل بمثل اعتدائه، وعليه زيادة التأديب.
وقد يأخذ الوالي أحيانا بوزر
40
ولده أو ذوي قرابته إذا وقع في نفسه أنهم يستطيلون على الناس بسلطان الولاية، ولا ينهاهم الوالي المسئول عنها.
جاء مصري فشكا إليه واليها عمرو بن العاص، وزعم أن الوالي أجرى الخيل، فأقبلت فرس المصري فحسبها محمد بن عمرو فرسه وصاح: فرسي ورب الكعبة! ثم اقتربت وعرفها صاحبها، فغضب محمد بن عمرو ووثب على الرجل يضربه بالسوط، ويقول له: خذها وأنا ابن الأكرمين. وبلغ ذلك أباه فخشي أن يشكوه المصري فحبسه زمنا، وما زال محبوسا حتى أفلت وقدم إلى الخليفة لإبلاغه شكواه.
قال أنس بن مالك راوي القصة: فوالله ما زاد عمر على أن قال له: اجلس ... ومضت فترة إذا به في خلالها قد استقدم عمرا وابنه من مصر، فقدما ومثلا
Página desconocida