Cabd Rahman Kawakibi
عبد الرحمن الكواكبي
Géneros
فليس في ترجمة الكواكبي صفحة لا تنتظم في كتاب السيرة كما ينتظم الفصل المنتظم في السفر المجموع.
نشأته في حلب ملتقى المفارق بين المشرق والمغرب والشمال والجنوب، أو مجس النبض بين أعصاب العالم المعمور.
ومعيشته في منتصف القرن التاسع عشر، عصر النهضات القومية والمطامع الدولية، وفرصة التحفز والصراع في ميادين العلم والخلق والثروة، بين الغرب المستعد بأهبته والشرق الذي لا أهبة له غير الخوف والرجاء.
وأسرته التي نبت منها في منبت الجاه والرئاسة، ووظائفه التي تثير فيه كوامن الغضب وتدفعه كل يوم إلى مصطدم الكرامة بين إنسان وإنسان، وبين قوم وقوم، وبين فكرة وفكرة، وبين مصير ومصير.
كل جانب يأوي إليه كأنه هاتف يناديه: كن عربيا للعرب، ولا يهولنك بعد ذلك ما يكون، فلن يكون إلا الخير، ولن يكون إلا خيرا مما أنت فيه.
وتمت حياة الرجل ولم تتم رسالته في خدمة قومه، ولكنها كانت كذلك رسالة مسماة، لو اطلع على عواقبها بعد سنوات معدودات لرضي عنها واطمأن إلى عواقبها، وعلم أنه قد أراد ما يريده الزمن، أو أنه قد سبق الزمن إلى ما أراد.
وحسب المصلح صاحب الدعوة عرفانا بعظمته وإنصافا لمقصده أن يسبق الزمن وأن يحسن السبق إلى مجراه، وأن يأتي بالغد المجهول من ظلمات الغيب فيمشي فيه على هدى قبل أن تهتدي إليه شمس النهار.
وهكذا نظر الكواكبي إلى الغيب فيما اختاره من وجهة العمل للغد المجهول كأنه اليوم المعلوم.
وضع قضية الإصلاح في موضعها، وأصاب من حيث أخطأ الدعاة في زمنه، بين مخلصين منهم ومدعين!
لم تكن قضية الجامعة العربية عند الكواكبي دعوة تناهض الدعوة إلى الجامعة الإسلامية.
Página desconocida