Cabd Rahman Kawakibi
عبد الرحمن الكواكبي
Géneros
فمسألة الدولة العثمانية هي مسألة البلقان الذي سمي بحق «مخزن البارود»، وهي المسألة الأرمنية والمسألة الطورانية، ومسألة الشعوب التي يحكمها الترك ولا تتكلم التركية ولا تنتمي إلى سلالتهم بين عناصر الأجناس.
ومسألة الخلافة هي مسألة الإمامة عند الشيعة وأهل السنة، ومسألة الولاية الشرعية بحق الإرث والعصبية أو بحق الشوكة والسلطان القائم، حيث قام من بلاد المسلمين.
ومسألة الجامعة تفتح أبواب الجامعة السياسية والجامعة الروحية وما إليها من جامعات التعاهد والاتفاق على شئون الثقافة والمعاملات، ولا ينفتح القمقم المغلق حتى يخرج منه الرصد الهائل منتشرا من محبسه يضيق به الفضاء، وإنما اضطر عبد الحميد إلى فتح القمقم لأنه حيلة من لا حيلة له سواه.
كان يسمع بأذنيه - كما يسمع العالم كله - اسم دولته الدائلة عند أعدائه المتربصين بها في القارة الأوروبية، بلا اختلاف بين قادر منهم وعاجز وبين مستعمر منهم ومتبدئ في صناعة الاستعمار، يتعلق بنصيب له يفرضه من ذلك الملك المباح.
كان اسم «التركة»، أو تركة الرجل المريض، عنوانا على البلاد العثمانية، أيا كان ساكنوها من مسلمين أو غير مسلمين، ومن ترك أو عرب، ومن أوروبيين أو آسيويين أو أفريقيين.
كانت «جامعة» في الحق يجمعها الطمع من أشتات الطامعين، وليس بينها من وحدة قط في رأي أولئك الطامعين إلا أنها تتماسك إلى حين، في طريق التفرق والزوال.
وكان لا بد له من جامعة باقية لا يزيلها عمل إنساني، ولكنها قد تنشط بعمل إنسان يؤيده الله، وتلك هي جامعة الإسلام بولاية خليفة المسلمين.
وليس عبد الحميد أول من تلقب بالخلافة من سلاطين آل عثمان، ولكنه كان أول من وضعها هذا الوضع الحاسم في معترك السياسة العالمية والسياسة الداخلية، وأول من جعلها مسألة حياة أو موت في تاريخ الدولة التركية.
أما قبل عصر عبد الحميد فقد كان للترك عامة موقف من مسألة الخلافة غير هذا الموقف، سواء منهم الترك العثمانيون والترك السلجوقيون، والشعوب التي غلب عليها اسم الترك في الدولة الإسلامية وليست منهم، كالديلم والشراكسة.
فقد تمكن رؤساء الترك من زمام الخلافة في عهود كثيرة، ولكنهم تهيبوها ولم يتقدموا لادعائها، ولعلهم لم يجدوا السبيل إلى ادعاء حقوقها التي كانت مقصورة على الأمة العربية، ينتهي بها أناس إلى أهل البيت النبوي ويتوسع أناس آخرون فيجعلونها عربية قرشية، ومن الشعوب الإسلامية غير العربية من كان يحصرها بين أهل البيت في أبناء علي وفاطمة - رضوان الله عليهما - فلا يجيزها لبني العباس، ولا يعترف لهم بحقوقها إلا اجتنابا للفتنة ورعاية للضرورة والتقية.
Página desconocida