Abdul Nasser y la Izquierda Egipcia
عبد الناصر واليسار المصري
Géneros
وعند محاكمتهم كانت لهم مواقفهم التي تسجل لهم، وقفوا أمام محكمة الدجوي الشهيرة رافضين المحاكمة قبل أن تسجل احتجاجاتهم على صدور حكم بالإعدام على عبد القادر عودة وزملائه، إدراكا منهم بخطورة مبدأ قمع الأفكار بالإعدام حتى ولو كان ذلك المبدأ لا يتناولهم هم، بل يتناول خصومهم في الفكر.
وإنني أنصح د. فؤاد زكريا أن يعود إلى سجل محاكمات الماركسيين؛ فهي مرجع أساسي للحكم على موقفهم.
إن تصاعد صدام الثورة مع الاستعمار في 1955م هو الذي تدخل لتخفيف التناقض بين الماركسيين والثورة؛ إذ غمر موج الصدام العالي قضية الديمقراطية، ومع ذلك، ورغم قيام عمل وطني مشترك بين الثورة والماركسيين، فقد ظل مطلب الديمقراطية في مقدمة بيانات الماركسيين.
كان شعارهم للجان المقاومة الشعبية هو: السلاح والديمقراطية للشعب.
وكان شعارهم في انتخابات أول مجلس نيابي للثورة 1957م إطلاق الحريات السياسية والإفراج عن «جميع المسجونين السياسيين» بالإضافة إلى برنامجهم الاجتماعي.
بل إن مطلب الديمقراطية كان يتقدم المطالب الاجتماعية في كل برنامج أو بيان للماركسيين بعد الثورة بعكس موقفهم قبل الثورة؛ فقد كان للمطالب الاجتماعية صدارة الأدبيات الماركسية.
وحين طرحت مسألة الوحدة مع سوريا نفسها على مستوى جماهيري، كان موقف اليسار تأييد الوحدة، على أن تكون خطوتها الأولى شكل الاتحاد، وطالبوا بأن تنعكس صورة الحريات السياسية المتقدمة - آنذاك - في سوريا على الوضع في مصر، بينما تنعكس صورة التقدم الاقتصادي المتحرر من النفوذ الأجنبي على الوضع في سوريا.
ومن هذا الخلاف حول قضية الشكل الديمقراطي لدولة الوحدة حدث الصدام الثاني بين اليسار والثورة، وخلال خمس سنوات سوداء قضاها الماركسيون في السجن التزموا نفس الموقف، مساندة كل ما هو تقدمي في الثورة مع التصميم على طرح قضية الديمقراطية باعتبارها «الضمان الوحيد لاستمرار التقدم» وبعد عام 1964م ظل الماركسيون يرفعون علم النضال من أجل الديمقراطية وتصحيح أخطاء العمل التقدمي للثورة.
وظلت الثورة على سياستها حتى في فترة حرية العمل النسبية لليسار، تحافظ على تقليد لها وهو أن يكون في سجونها بعض الماركسيين، وظل هذا الوضع إلى ما بعد وفاة عبد الناصر بفترة.
لمصلحة من تخلط الأوراق إذن ... وتلصق بالماركسيين تهمة إهدار الدفاع عن الديمقراطية، بينما كانت راية الدفاع عنها هي الراية التي سقط تحتها شهداؤهم ... وقضى معظمهم زهرة شبابه في السجون وهم يحملونها بإصرار؟
Página desconocida