فتقدم الفضل ونظر إلى العصابة، فرأى عليها بيتا من الشعر بحروف من الذهب هو:
ليس حسن الخضاب زينا لكفي
حسن كفي زين لكل خضاب
فأعجبه ذلك والتفت إلى فنحاس وهو يقول: «ما أجمل هذه العصائب! لله در مخترعتها!»
قال: «أظنك تعني مولاتنا علية أخت الرشيد؛ فإنها ابتكرت للحسان - حقا - وسيلة فعالة من وسائل الجمال.»
قال الفضل: «هل تعلم السبب الذي من أجله اتخذت هذه العصائب؟»
قال: «كلا يا مولاي.»
قال: «أنا أخبرك عن السبب. إن في جبين علية فضل سعة حتى تسمج به، فأرادت إخفاء ذلك العيب، فاتخذت العصائب المكللة بالجواهر لتستر بها جبينها، فاستحدثت - والله - شيئا ما رأيت فيما ابتدعته النساء أجمل منه.»
1
فتحقق فنحاس من أن الفضل سيشتري هذه الجارية لا محالة، فأراد أن يرغبه في الأخريين، فأشار إلى إحداهما إشارة فهمتها فانزوت في أحد جوانب الغرفة، والتفتت إلى مرآة معلقة بالحائط بحيث لا يظهر وجهها لأحد. وكان الفضل مشتغلا عن ذلك بمراقبة الجارية الأولى وهي تتلهى بإصلاح العود، فلما علم فنحاس أن الجارية الثانية أتمت وصيته التفت إلى الفضل وقال: «وانظر إلى ما على وجه هذه. تقدمي يا سوسنة.» وأشار إليها، فأتت تتهادى بمشيتها وثوبها الأرجواني يتموج بلمعانه.
Página desconocida