فقال إسماعيل: «وما الحيلة يا مولاي؟»
قال الرشيد: «الحيلة؟ قد حل قتله، والسلام.»
فأكبر إسماعيل تسرعه إلى هذا التصريح وقال: «إذا قتل أمير المؤمنين عبيده؛ فإنه مالك الرقاب يفعل ما يشاء، ولكنه أعلم مني بما يترتب على هذا الأمر. وقد قال لي الساعة أن البرامكة يبتاعون الأحزاب بالأموال.»
فأطرق الرشيد وإسماعيل وكلاهما يعمل فكرته، ثم رفع الرشيد بصره وقال: «فما الذي يراه ابن عمنا؟»
قال إسماعيل: «ألا ترى أن تفرق بينه وبين أحزابه بعمل توليه إياه خارج بغداد؟»
فأبرقت أسرة الرشيد عند سماعه رأيه وقال: «ذلك ما عزمت عليه وسأوليه خراسان . فإذا بعد عن بغداد فكرنا في شأنه.»
فسر إسماعيل بقبول الرشيد ذلك، وقال: «نعم الرأي هذا.»
فقال الرشيد: «إنه رأي سديد، وبعد ذلك ننظر في أمره.» ثم توجه نحوه بكليته وقال وهو يتفرس فيه: «واعلم يا إسماعيل أني لم أطلعك على سري هذا إلا لعظم ثقتي بك. وإني آمرك أن تكتمه فإنه ما علم به أحد غيرك، فإذا بلغهم شيء مما جرى علمت أنك أنت الذي أبلغته. هل فهمت؟»
فبهت إسماعيل من ذلك التهديد، ولما سمع الرشيد يخاطبه بتلك اللهجة تحقق أن مشيري الملوك إذا لم يسايروهم ويداهنوهم كانت حياتهم في خطر، فقال: «أعوذ بالله أن أقدم على إفشاء أسرارك يا أمير المؤمنين.»
ثم تزحزح الرشيد من مجلسه، فعلم إسماعيل أنه يريد الانصراف، فوقف واستأذن، فأذن له فخرج، وقد عظم عليه ما سمعه، وأصبح خائفا على الدولة من تغير الرشيد، وانطلق إلى منزله وهو يصبر نفسه ليرى هل يعمل الرشيد بما قاله.
Página desconocida