فقال: وهل في الوادي مشهد جميل لم أره؟
وساءت شكوى الملك خلصاءه وتكدرت نفوسهم، إلا الأمير هورداديف فإنه كان يدخر لوالده مفاجأة سارة لا عهد له بها، فقال: أبي الملك، إني أستطيع أن أقدم بين يديك لو تشاء ساحرا عجيبا يعلم الغيب، ويميت ويحيي، ويقول للشيء كن، فيكون.
فصمت فرعون ولم يسارع هذه المرة إلى الرفض والتململ، ونظر إلى ابنه باهتمام. وكان الملك يسمع كثيرا عن أخبار السحرة ومعجزاتهم، ويتسلى بما يروى عن نوادرهم، فسره أن يوعد برؤية واحد منهم محضرا بين يديه، وسأل ابنه: ومن هو هذا الساحر أيها الأمير هورداديف؟
فقال الأمير : هو الساحر ديدي يا مولاي، وقد بلغ من العمر مائة عام وعشرة، ولا يزال محتفظا بقوة الشباب وفتوة الصبا، وله قدرة عجيبة يتسلط بها على الإنسان والحيوان، وبصيرة نافذة تهتك حجب الغيب.
فازداد اهتمام الملك وسرى عنه الضيق والملل وقال: هل تستطيع أن تأتي به الآن؟
فقال الأمير بفرح: أمهلني دقائق يا مولاي.
ثم قام واقفا وحيا والده بانحناءة طويلة، وذهب ليحضر الساحر العجيب ...
2
وبعد حين قليل رجع الأمير هورداديف يسير بين يدي رجل طويل القامة عريض المنكبين، حاد البصر نافذ النظرات، يكلل رأسه شعر أبيض هش، وتغطي صدره لحية كثة، وقد تلفح بعباءة فضفاضة وتوكأ على عصا طويلة غليظة، وانحنى الأمير وقال: مولاي! أقدم بين يديك عبدك القانت الساحر ديدي.
فسجد الساحر بين يدي الملك، وقبل الأرض بين قدميه، ثم قال بصوت ذي نبرات مؤثرة خفقت لوقعه القلوب: مولاي ابن خنوم، نور الشمس المشرقة ورب العالمين، دام له المجد وحلت به السعادة!
Página desconocida