El Cabarat
العبرات
Editorial
دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
Géneros
لَهَا مِنْ بَرْد اَللَّيْل حَتَّى لَمْ يُبْقَ عَلَى جَسَدهَا إِلَّا قَمِيص وَاحِد تَرِكَته لِيَكُونَ سَتْرًا لِعَوْرَتِهَا عِنْد اِنْتِشَال جُثَّتهَا ثُمَّ حَنَّتْ عَلَى اَلطِّفْلَة بِرِفْق فَلَثَمَتْهَا فِي جَبِينهَا لثمة أَوْدَعَتْهَا كُلّ مَا فِي صَدْرهَا مِنْ حُبّ وَرَحْمَة وَرِفْق وَحَنَان ثُمَّ هَتَفَتْ قَائِلَة اَلْوَدَاع يَا مَارِي سَنُلْقِي عَمَّا قَلِيل يَا جلبرت اَلْمَغْفِرَة يَا كَاتْرِين وَأَلْقَتْ بِنَفْسِهَا فِي اَلْمَاء.
قُضِيَ المركيز اَللَّيْلَة اَلْأُولَى مِنْ لَيَالِي شَهْر اَلْعَسَل مَعَ عَرُوسه فِي شُرْفَة اَلْقَصْر يُسَمِّرَانِ وَيَتَنَاجَيَانِ وَيَذْهَبَانِ بِنَظَرِهِمَا حَيْثُ تَذْهَب خَضِرَة اَلْأَرْض وَتَمْتَدّ زُرْقَة اَلسَّمَاء وَتَطْرُد مِيَاه اَلنَّهْر وَيَتَقَلَّبَانِ بَيْن سَعَادَة حَاضِرَة وَأُخْرَى مَرْجُوَّة وَيَرْشُفَانِ مِنْ كُلّ كَأْس مِنْ تِلْكَ اَلْكُؤُوس رَشْفَة تُكْثِرَا بِمَا عِنْدهمَا مِنْهَا حَتَّى ثَمِلَا وَاسْتَغْرَقَا وَأَصْبَحَا لَا يَشْعُرَانِ بِشَيْء مِمَّا حَوْلهمَا فَلَمْ يستفيقا حَتَّى سَمِعَا دَوِيّ اَلرِّيح فِي أَبْرَاج اَلْقَصْر وَفِي ذوائب اَلْأَشْجَار فَعَلِمَا أَنَّهَا اَلزَّوْبَعَة فَنَهَضَا مِنْ مَكَانهَا لِيَذْهَبَا إِلَى مَضْجَعهَا.
فَإِنَّهُمَا لواقفان مَوْقِفهمَا هَذَا إِذْ لَمَّحَتْ المركيزة فِي وَجْه المركيز دَهْشَة وَاضْطِرَابًا وَرَأَتْهُ يَلْتَفِت اِلْتِفَاتًا شَدِيدًا كَأَنَّمَا يَتَسَمَّع لِصَوْت غَرِيب فَسَأَلَتْهُ مَا بَاله فَلَمْ يُجِبْهَا وَأَطَلَّ مِنْ اَلشُّرْفَة عَلَى اَلنَّهْر فَرَأَى كَمَا رَأَتْ هِيَ عَلَى نُور اَلْقَمَر طِفْلَة وَاقِفَة عَلَى اَلضَّفَّة تَصِيح وَتُعَوِّل وَتُشِير بِيَدِهَا نَحْو اَلْمَاء وَتَقُول أُمَّاه أُمَّاه فَنَظَرَا حَيْثُ تُشِير فَإِذَا اِمْرَأَة عَارِيَة إِلَّا قَلِيلًا تَتَخَبَّط فِي لجج اَلْمَاء تَخَبُّط اَلْغَرْقَى فَتَرَكَ المركيز مَكَانه وَنَزَلَ يَعْدُو إِلَى اَلنَّهْر وَهُوَ يَقُول والهفتاه إِنْ كَانَتْ هِيَ وَصَاحَ بِخَدَمِهِ أَنْ يَتْبَعُوهُ فَفَعَلُوا حَتَّى بَلَغَ مَوْقِف اَلطِّفْلَة فَعَرَفَ أَنَّهَا اِبْنَته وَأَنَّ اَلْغَرِيقَة سُوزَان فَأَظْلَمَ اَلْفَضَاء فِي عَيْنَيْهِ وَأَشَارَ إِلَى أَحَد خَدَمه أَنْ
يُعَوِّد بِالطِّفْلَةِ إِلَى اَلْقَصْر وَأَمْر
1 / 96