وأحست ميمي وهي تنفض لطلبة ثيابه التي يجب أن يرتديها، بثورة نقمة على وردة، وشعرت كأن وردة تخون طلبة لأنها مشغوفة بسواه، وصحيح أن وردة لا زوجته ولا خطيبته، ولكن هذا لا يمنع ميمي أن تسخط على وردة وأن تشعر لها بكراهية شديدة يزيدها علمها أنها غير محقة فيها.
وخرج طلبة، ومعه طاقة الزهر الأبيض، وبقيت ميمي وحدها، لا أنيس لها إلا خواطرها، نعم هناك أمه، وأخته، وخادمة، ولكن ما أنسها بهؤلاء؟ وهي مضطرة أن تتكلف أمامهن الابتسام وأن تتظاهر بغير ما تبطن، وهذا بلاء آخر ...
ولم يطل غياب طلبة، فقد عاد، ومعه طاقة الزهر الأبيض التي خرج بها، ففتحت له ميمي الباب وارتدت مذهولة ... أذهلها تجهمه، وأذهلتها طاقة الزهر التي تتدلى بها يده، فارتدت ولم تقل شيئا، وتركته يدخل وهو مطرق لا ينظر إليها ولا إلى شيء ويرمي بطاقة الزهر على المائدة، ويذهب إلى غرفته، ويرد بابه حتى لا يدخل عليه أو يزعجه أحد.
وبعد قليل صفق، فذهبت إليه أخته فردها وقال لها: «ابعثي إلي بميمي.» ولم يكن هذا مستغربا فقد كانت ميمي هي الموكلة به في الحقيقة، وكانت أمه يسرها أن ترى ميمي تقوم له بحاجاته وتتكفل بأموره، وكان رجاؤها أن يفطن ابنها إلى قيمة ميمي فيتخذها زوجة.
وذهبت إليه ميمي فقال لها: «اجلسي، وأصدقيني.»
قالت، وهي تجر كرسيا: «نعم.»
قال: «وردة ... إنك تعرفينها كما أعرفها، فلا تخفي عني شيئا ... ما هي الحكاية؟»
قالت: «أي حكاية؟»
قال: «إن المرأة تعرف عن المرأة أكثر مما يستطيع أن يعرف الرجل، ثم إن النساء يتحدثن فيما بينهن بما لا يتيسر العلم به للرجال، فأخبريني ما هي حكاية وردة؟»
فكررت قولها: «أي حكاية؟»
Página desconocida