الباب السابع: في رواية الحديث والإجازة
(قال الفقيه) أبو الليث رضي الله تعالى عنه: اختلف الناس في رواية الحديث لو قال مكان حدثنا أخبرنا أو قال مكان أخبرنا حدثنا يجوز أم لا؟ قال بعض أهل الحديث: إذا قرأت الحديث على محدث فأردت أن تروي عنه ينبغي لك أن تقول أخبرنا فلان، وإن كان لمحدث قرأ عليك فقل حدثنا فلان. وقال أكثر أهل العلم: كلاهما سواء وبه نأخذ. وقد روي عن أبي يوسف القاضي رحمه الله أنه قال: إذا قرأت الحديث على فقيه أو قرأ عليك فإن شئت قلت حدثنا، وإن شئت قلت أخبرنا، وإن شئت قلت سمعت من فلان: وروي عن أبي مطيع أنه قال: سألت أبا حنيفة فقلت له أقول: حدثنا أو أقول أخبرنا قال: إن شئت قلت حدثنا وإن شئت قلت أخبرنا. وروي عن شعبة بن الحجاج أنه قال: إن شئتم قلتم حدثنا وإن شئتم قلتم أنبأنا وإن شئتم قلتم أخبرنا، وإن قال المحدث أجزت لك أن تحدث عني فلا يجوز لك أن تقول حدثنا ولا أخبرنا، وجاز أن تقول أجازني فلان.
(قال الفقيه) رحمه الله: سمعت الخليل بن أحمد القاضي رحمه الله قال: سمعت أبا طاهر أحمد ابن سفين الديامي قال: إذا قال المحدث أجزت لك فكأنه قال أجزت لك بأن لا تكذب علي.
(وقال الفقيه) رحمه الله: ولو كتب إليك المحدث بحديث أو دفع إليك كتابه وقال حدثني فلان بجميع ما فيه جاز لك أن تقول، أخبرنا فلان ولا يجوز أن تقول حدثنا فلان لأن الكتابة خبر والحديث لا يكون إلا بالمخاطبة، ألا ترى لو أن رجلا حلف أن لا يخبر فلانا بكذا، فكتب إليه بذلك فإنه يحنث، ولو حلف بأن لا يحدثه فكتب إليه فإنه لا يحنث ما لم يخاطبه. وروى أبو ضمرة عن عبد الله بن عمر قال: رأيت عبد الله بن شهاب يؤتى بالكتاب فيقال له هذا كتابك عرفته؟ فيقول: نعم، فيرضون بما قرأه عليهم وما قرؤوه عليه فينسخون ويخبرون به. وروى عبد العزيز بن أبان عن شعبة قال: كتب إلي منصور بن المنعم بحديث فلقيته فسألته عن ذلك فقال أليس قد كتبت إليك كتابا؟ فقلت له إذا كتبت إلي فقد حدثتني به؟ قال نعم، فذكرت ذلك لأيوب السختياني فقال صدق إذا كتب إليك فقد حدثك. وروي عن محمد بن الحسن رحمه الله أنه قال: كتابة العلم إليك وسماعك منه بمنزلة واحدة يجوز الرواية عنه إذا كتب إليك كما يجوز لو سمعت منه، ولكن يختلفان في لفظ الرواية.
الباب الثامن: في أخذ العلم من الثقات
Página 309