278

Burhan Fi Culum Quran

البرهان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Editorial

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Edición

الأولى

Año de publicación

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وسورة البقرة تضمنت قواعد الدين وآل عِمْرَانَ مُكَمِّلَةٌ لِمَقْصُودِهَا فَالْبَقَرَةُ بِمَنْزِلَةِ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ على الحكم وآل عِمْرَانَ بِمَنْزِلَةِ الْجَوَابِ عَنْ شُبُهَاتِ الْخُصُومِ وَلِهَذَا قُرِنَ فِيهَا ذِكْرُ الْمُتَشَابِهِ مِنْهَا بِظُهُورِ الْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ فَإِنَّهُ نَزَلَ أَوَّلُهَا فِي آخِرِ الْأَمْرِ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ النَّصَارَى وَآخِرُهَا يَتَعَلَّقُ بِيَوْمِ أُحُدٍ وَالنَّصَارَى تَمَسَّكُوا بِالْمُتَشَابِهِ فَأُجِيبُوا عَنْ شُبَهِهِمْ بِالْبَيَانِ وَيَوْمَ أُحُدٍ تَمَسَّكَ الْكُفَّارُ بِالْقِتَالِ فَقُوبِلُوا بِالْبَيَانِ وَبِهِ يُعْلَمُ الْجَوَابُ لِمَنْ تَتَبَّعَ الْمُتَشَابِهَ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَأَوْجَبَ الْحَجَّ فِي آلِ عِمْرَانَ وَأَمَّا فِي الْبَقَرَةِ فَذَكَرَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ وَأَمَرَ بِتَمَامِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَلِهَذَا ذَكَرَ الْبَيْتَ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَكَانَ خِطَابُ النَّصَارَى فِي آلِ عِمْرَانَ أَكْثَرَ كَمَا أَنَّ خِطَابَ الْيَهُودِ فِي الْبَقَرَةِ أَكْثَرُ لِأَنَّ التَّوْرَاةَ أَصْلٌ وَالْإِنْجِيلَ فَرْعٌ لَهَا وَالنَّبِيُّ ﷺ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ دَعَا الْيَهُودَ وَجَاهَدَهُمْ وَكَانَ جِهَادُهُ لِلنَّصَارَى فِي آخِرِ الْأَمْرِ كَمَا كَانَ دُعَاؤُهُ لِأَهْلِ الشِّرْكِ قَبْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلِهَذَا كَانَتِ السُّوَرُ الْمَكِّيَّةُ فِيهَا الدِّينُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ فَخُوطِبَ بِهَا جَمِيعُ النَّاسِ وَالسُّوَرُ الْمَدَنِيَّةُ فِيهَا خِطَابُ مَنْ أَقَرَّ بالأنبياء من أهل الكتاب والمؤمنين فَخُوطِبُوا يَا أَهْلَ الْكِتَابِ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
وَأَمَّا سُورَةُ النِّسَاءِ فَتَتَضَمَّنُ جَمِيعَ أَحْكَامِ الْأَسْبَابِ التي بين الناس وهي نوعان محلوقة لِلَّهِ تَعَالَى وَمَقْدُورَةٌ لَهُمْ كَالنَّسَبِ وَالصِّهْرِ وَلِهَذَا افْتَتَحَهَا اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نفس واحدة وخلق منها زوجها﴾ ثُمَّ قَالَ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ وَبَيَّنَ الَّذِينَ يَتَعَاهَدُونَ وَيَتَعَاقَدُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَمَا تَعَلَّقَ بِذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْأَمْوَالِ وَالْفُرُوجِ والمواريث ومنها العهود الَّتِي حَصَلَتْ بِالرِّسَالَةِ وَالَّتِي أَخَذَهَا اللَّهُ عَلَى الرُّسُلِ
وَأَمَّا الْمَائِدَةُ فَسُورَةُ الْعُقُودِ وَبِهِنَّ تَمَامُ الشَّرَائِعِ قَالُوا وَبِهَا تَمَّ الدِّينُ فَهِيَ سُورَةُ

1 / 261